السَّاعَة ثمَّ أَخَذته رعدة وتغطى باللحف وَهُوَ يرتعد ويصيح فأوقدت حوله نَار ثمَّ أَتَى بالسمكة فَمَا ذاقها لشغله بِحَالهِ ثمَّ أَفَاق من غمرته فَسَأَلَ عَن تَفْسِير اسْم الْمَكَان بالعربي فَقيل لَهُ مد رجليك فتطير بِهِ وَسَأَلَ عَن تَفْسِير الْبقْعَة قيل الرقة وَكَانَ فِيمَا علم من مولده أَنه يَمُوت بالرقة فَكَانَ يتَجَنَّب نزُول الرقة فَلَمَّا سمع هَذَا من الرّوم عرف وأيس وَقَالَ يَا من لَا يَزُول ملكه ارْحَمْ من زَالَ ملكه وأجلس المعتصم عِنْده من يلقنه الشَّهَادَة فَرفع الرجل بهَا صَوته فَقَالَ لَهُ ابْن ماسويه لَا تصح فوَاللَّه مَا يفرق الْآن بَين ربه وَبَين ماني فَفتح الْمَأْمُون عَيْنَيْهِ وَبِهِمَا من عظم الورم والحمرة أَمر شَدِيد وَأَقْبل يحاول بيدَيْهِ الْبَطْش بِابْن ماسويه ورام مخاطبته فعجز فرمز بطرفه نَحْو السَّمَاء وَقد امْتَلَأت عَيناهُ دموعاً وَقَالَ فِي الْحَال يَا من لَا يَمُوت ارْحَمْ من يَمُوت ثمَّ قضى فِي يَوْم الْخَمِيس لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة بقيت من رَجَب سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ فنقله ابْنه الْعَبَّاس وَأَخُوهُ المعتصم إِلَى طرسوس فَدفن هُنَاكَ وَلما ورد خبر وَفَاته بَغْدَاد قَالَ أَبُو سعيد المَخْزُومِي // (من الْخَفِيف) //
(هَلْ رَأيْتَ النُّجُومَ أَغْنتْ عَنِ الْمأْمُونِ ... يَوْمًا أَوْ ملكه المأسوس)
(خَلَّفُوهُ بِعَرْصَتَيْ طَرَسُوس ... مِثْلَ مَا خلَّفُوا أَبَاهُ بِطُوسِ)
حدث مُحَمَّد بن أَيُّوب أَمِير الْبَصْرَة لِلْمَأْمُونِ قَالَ كَانَ بِالْبَصْرَةِ رجل من بني تَمِيم شَاعِر أديب كنت آنس بِهِ فَأَرَدْت نَفعه فَقلت خليفتنا الْمَأْمُون أَجود من السَّحَاب الحافل وَالرِّيح العاصف وَإِنِّي موفدك عَلَيْهِ فَدَعَا لي فأعطيته نجيبَاً وَنَفَقَة ثمَّ عمل أرجوزة لَطِيفَة ذَكرنِي فِيهَا فاستحسنتها وَخرج إِلَى الشَّام والمأمون ب سلغوس ثمَّ أَخْبرنِي بعد ذَلِك فَقَالَ بَينا أَنا فِي غَدَاة قُرَّة على نجيبي وَأَنا أُرِيد الْعَسْكَر إِذا أَنا بكهل على بغل فاره مَا يقر قراره وَلَا تدْرك خطاه فتلقاني مُوَاجهَة فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك بِكَلَام جَهورِي وَقَالَ قف إِن شِئْت فوقفت فتضوعت مِنْهُ رَائِحَة الْمسك فَقَالَ مِمَّن أَنْت فَقلت رجل من مُضر فَقَالَ وَنحن من مُضر قَالَ ثمَّ مِمَّن قلت من تَمِيم من بني سعد فَقَالَ هيه مَا أقدمك قلت قصدت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute