(أُمٌّ لَهُمْ لوْ رَجَوْا أَن تُفْتدَى جَعَلُوا ... فِدًى لَهَا كلَّ أمِِّ بَرَّةٍ وَأَبِ)
(وَبرْزَةُ الوَجْهِ قَدْ أَعْيتْ رِِيَاضَتُها ... كِسْرَى وَصَدَّتْ صُدودًا عَن أبي كَرِبِ)
(بِكْرٌ فَمَا افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَةٍ ... وَلَا ترقَّتْ إِليها هِمَّةُ النُّوبِ)
(مِنْ عَهْد إِسكندرٍ أَوْ قبلَ ذلكَ قَدْ ... شَابَتْ نَوَاصِي اللَّيَاليِ وَهْيَ لَمْ تَشِبِ)
(حَتّى إِذَا مَخَّضَ الله السِّنين لَها ... مَخْضَ الحَلِيبَةِ كَانتْ زُبْدَة الحِقَبِ)
(أَتتْهُمُ الكُرْبَةُ السَّوْدَاءُ سَادِرَةً ... مِنها وَكانَ اسْمُهَا فَرَّاجَةَ الكُرَبِ)
(جَرَى لَهَا الفَأْلُ نحْسًا يوْمَ أَنْقرَةِ ... إِذْ غُودِرَتْ وَحْشَةَ السَّاحَاتِ وَالرحَبِ)
(لمَّا رَأَتْ أُخَها بالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ ... كَانَ الخَرَابُ لهَا أَعْدَى مِنَ الجرَبِ)
(كَمْ بينَ حِيطانِها مِنْ فارِسٍ بَطَل ... قَانِي الذَّوائِبِ مِنْ آنِي دَم سَرِبِ)
(بسُنَّةِ السَّيفِ والخَطِّىِّ مِنْ دَمِهِ ... لَا سُنَّةِ الدِّينِ والإِسْلَامِ مُخْتَضِبِ)
(لَقَدْ تركْتَ أَميرَ المؤْمِنِينَ بِهَا ... لِلنَّارِ يَوْمًا ذَلِيلَ الصَّخْرِ والخشَبِ)
(غادرْتَ فيهمن بهِيمَ اللَّيْلِ وَهْو ضُحًى ... بِثُلَّةِ وَسْطَها صُبْحٌ مِن اللهَبِ)
(حتَّى كأنَّ جَلابِيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ ... عَنْ لونِهَا وَكأَنَّ الشَّمْسَ لم تَغِبِ)
(ضوءٌ مِنَ النَّارِ والظَّلْمَاءُ عَاكِفَةٌ ... وظُلمَةٌ مِنْ دُخَانٍ فِي ضُحًى شَحِبِ)
(فالشَّمْسُ طالعةٌ مِنْ ذَا وَقَدْ أَفَلتْ ... وَالّشَمْسُ وَاجِبَةٌ فِي ذَا وَلَمْ تَجِبِ)
(تَكَشَّفَ الدَّهْر تَصْرِيح الغَمام لَهَا ... عَنْ يَوْمِ هيجاءَ مِنْهَا طَاهٍ ر جلبِ)
(لم تَطْلُع الشَّمْسُ مِنْهُ يَوْمَ ذَاك عَلَى ... بانٍ بأَهْلٍ ولَمْ تَغْرُبْ عَلَى عَزَبِ)
(مَا رَبْعُ ميَّةَ مَعْمُورًا يُطيِفُ بِهِ ... غَيْلَانُ أَبْهَى رُبًى مِنْ ربْعِهَا الخَرِبِ)
(وَمَا الخُدُودُ وَإِن أُدْمِينَ من خجَلٍ ... أَشْهَى إلَى نَاظِِرِي مِنَ خَدِّها التَّرِبِ)
(سَمَاجَةً غَنِيَتْ منْهَا العُيونُ بِهَا ... عَنْ كُلِّ حُسْنٍ بَدَا أَوْ مَنْظَرٍ عجَبِ)
(وَحُسْنُ منقلبٍ تَبْدُو عَوَاقِبُهُ ... جَاءَتْ بَشَاشَتُهُ عَنْ سُوءِ مُنْقَلَبِ)
(تَدْبِيرُ مُعْتصِمٍ بِاللَّهِ مُنْتَقِم ... للِهِ مُرْتَقِبٍ فِي اللَّهِ مُرْتَغِبِ)
(ومُطعمِ النَّصْلِ لم تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ ... يَوْمًا وَلَا حُجِبَتْ عَن رُوح مُحتْجِبِ)
(لم يَرْمِ قومَاً وَلَم يَنْهَدْ إلِى بَلَدٍ ... إِلَاّ تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ مِنَ الرُّعُبِ)
(لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلاً يَوْمَ الوَغَى لَغدَا ... مِنْ نفسِهِ وَحْدَهَا فِي جَحْفَلٍ لجبِ)