يشرب الْخمر فأعظمه وَأَجْلسهُ وَقَالَ اشرب فَقَالَ وَالله مَا خامر لحمي وَدمِي قطّ فأعفني فأعفاه ثمَّ قَالَ أَنْشدني فَأَنْشد // (من الْبَسِيط) //
(بَاتُوا عَلى قُللِ الْأَجْبَالِ تَحْرُسُهُمْ ... غُلْبُ الرِّجَالِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمُ القُلَلُ)
(واسْتُنْزِلُوا بَعْدَ عِزِّ عَنْ مَعَاقِلِهِمْ ... وَأُودِعُوا حُفْرَةً يَا بِئْسَمَا نزلُوا)
(نَادَاهُمُ صَارخٌ مِنْ بَعْدِ مَا قُبِرُوا ... أيْنَ الْأَسِرََّةُ وَالتِّيجَانُ وَالحلل)
(فَأَفْصَحَ القَبْرُ عَنْهُمْ حِينَ سَاءَلَهُ ... تِلْكَ الوُجُوهُ عَلَيْهَا لدُّودُ يقْتَتِلُ)
(قَدْ طَالَمَا أَكَلُوا دَهْرًا وَما شَرِبُوا ... فَأَصْبَحُوا بَعْدَ ذَاكَ الْأَكْلِ قَدْ أُكِلُوا)
فَبكى جَعْفَر والحاضرون وَقَالَ يَا أَبَا الْحسن لقد لينت منا قلوباً قاسية أعليك دين قَالَ نعم أَرْبَعَة آلَاف فَأمر لَهُ بهَا ورده مكرماً وَمِمَّا يحْكى من كرمه أَنه دخل عَلَيْهِ ابْن الجهم وَقيل النميري فأنشده قصيدة يَقُول فِيهَا من // (مجزوء الْكَامِل) //
(وَإِذَا مَرَرْت بِبِئْرِ عُرْوَةَ ... فَاسْقِني مِنْ مَائِهَا)
وَكَانَ بيد المتَوَكل درتان عظيمتان يقلبهن فدحا إِلَيْهِ بدرة مِنْهُمَا فَقَالَ استقص بهَا فِي وَالله خير من مائَة ألف دِينَار قَالَ لَا وَالله وَلَكِنِّي فَكرت فِي أَبْيَات أعملها آخذ بهَا الْأُخْرَى فَقَالَ قل فَقَالَ // (من مخلع الْبَسِيط) //
(بِسُرَّ منْ رَا إِمَامُ عَدْلٍ ... تَغْرَقُ مِنْ كفِّهِ البِحَارُ)
(يُرْجَى ويُخْشَى بِكُلِّ خَطْبٍ ... كأَنَّهُ جَنَّةٌ وَنَارُ)
(أَلْمُلْكُ فِيهِ وفِي بَنِيهِ ... مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ)
(يَدَاهُ فِي الجُودِ ضَرَّتانِ ... علَتْهِ كِلْتَاهُما تَغارُ)
(لمْ تَأْتِ مِنْهُ اليَمِيَنُ شَيْئًا ... إِلَاّ أَتتْ مِثْلَهُ الْيَسَارُ)
قَالَ فدحا إِلَيْهِ بِالدرةِ الْأُخْرَى قلت رحم الله الْكِرَام المجيزين على دردي النظام بَدْرِي النظام وَأَجَازَ مَرْوَان بن أبي الْجنُوب على قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا // (من الطَّوِيل) //