للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَارَ إِذا نزل للصَّلَاة يستعير بغلة الدِّيوَان حَتَّى يركبهَا وَمَات مُعظم النَّاس جوعا قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي المنتظم فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة فِي ولَايَة الْمُسْتَنْصر كَانَ غلاء شَدِيد وقحط عَظِيم بديار مصر بِحَيْثُ إِنَّهُم أكلُوا الْجِيَف وَالْمَيتَات وَالْكلاب وأفنيت الدَّوَابّ فَلم يبْق لصَاحب مصر فرس بعد الْعدَد الْكثير وَنزل الْوَزير يَوْمًا عَن بغلته فَغَفَلَ عَنْهَا الْغُلَام لضَعْفه من الْجُوع فَأَخذهَا ثَلَاثَة نفر فذبحوها وأكلوها فَأخذُوا وصلبوا فَأَصْبحُوا وعظامهم بادية على مَا صلبوا عَلَيْهِ قد أكل النَّاس لحومهم وَظهر على رجل يقتل الصّبيان وَالنِّسَاء ويدفن رُءُوسهم وأطرافهم وَيبِيع لحومهم فَقتل وفيهَا ضَاقَتْ يَد شرِيف مَكَّة مُحَمَّد بن أبي هَاشم بن فليتة فَأخذ الذَّهَب من أَسْتَار الْكَعْبَة والميزاب وَالْبَاب فَضرب ذَلِك دَرَاهِم ودنانير وَكَذَلِكَ فعل صَاحب الْمَدِينَة بالقناديل الَّتِي فِي الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقبلهَا فِي سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة كَانَت فتْنَة البساسيري وَهُوَ أرسلان التركي قبحه الله تَعَالَى وَذَلِكَ أَنه عزم على أَن يسير إِلَى بَغْدَاد ويأخذها من صَاحبهَا الْخَلِيفَة العباسي الْمُسَمّى بِالْقَاهِرَةِ بن الْقَادِر ويخطب فِيهَا للمستنصر الفاطمي فَركب البساسيري وَمَعَهُ قُرَيْش بن بدران أَمِير الْعَرَب إِلَى الْموصل فَأَخذهَا وأخرب قلعتها فانزعج النَّاس لذَلِك واضطربت بَغْدَاد وأرجف النَّاس بِأَن البساسيري عازم على قصد بَغْدَاد وَأَنه قرب من الأنبار وتفرق الْجَيْش من بَغْدَاد إِلَى نواحي همذان والأهواز وَبقيت بَغْدَاد وَلَيْسَ بهَا أحد من الْمُقَاتلَة فعزم الْخَلِيفَة الْقَائِم بِأَمْر الله على الرحيل من بَغْدَاد إِلَى غَيرهَا وليته فعل ثمَّ أحب دَاره وَالْمقَام مَعَ أَهله فَلبث فِيهَا اغْتِرَارًا وَلما خلا الْبَلَد من الْمُقَاتلَة قيل للنَّاس من أَرَادَ الْخُرُوج فليذهب إِلَى حَيْثُ شَاءَ فانزعج النَّاس وَبكى الرِّجَال وَالنِّسَاء والأطفال وَعبر كثير من النَّاس إِلَى الْجَانِب الغربي وَبَلغت المعبرة دِينَارا أَو دينارين لعدم الجسر قَالَ وطار فِي تِلْكَ اللَّيْلَة على دَار الْخَلِيفَة نَحْو من عشر بومات مجتمعات

<<  <  ج: ص:  >  >>