يقاسون فِي يَوْم عَرَفَة من قلَّة المَاء مَا لَا صَبر عَلَيْهِ ثمَّ أصلح البرك وملأها بِالْمَاءِ ثمَّ أصلح عين خليص وأجراها وَأصْلح بركتها وَبنى قبتها وَكَانَ ذَلِك سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَفِي سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة أَمر السُّلْطَان وَكيله وتاجره الخوجا شمس الدّين مُحَمَّد بن عمر الشهير بِابْن الزَّمن وشاد عمائره الْأَمِير سنقر الجمالي أَن يحصلا لَهُ موضعا مشرفاً على الْحرم الشريف ليبني فِيهِ مدرسة ليدرس فِيهَا على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة ورباطاً يسكنهُ الْفُقَرَاء وَيعْمل لَهُ ربوعاً ومسقفات يحصُل مِنْهَا ريع كَبِير يصرف مِنْهُ على المدرسين وعَلى الْقُرَّاء وَأَن تقْرَأ لَهُ ربعَة فِي كل يَوْم يحضرها الْقُضَاة الْأَرْبَعَة والمتصرفون ويقرر لَهُم وظائف وَيعْمل مكتِّباً للأيتام وَغير ذَلِك من جِهَات الْخَيْر فاستبدل لَهُ رِبَاط السِّدْرَة ورباط المراغي وَكَانَا متصلين وَكَانَ إِلَى جَانب رِبَاط المراغي دَار الشَّرِيفَة شمسية من شرائف بني حسن اشْتَرَاهَا وَهدم ذَلِك جَمِيعه وَجعل فِيهِ اثْنَتَيْنِ وَسبعين خلْوَة ومجمعاً كَبِيرا مشرفاً على الْمَسْجِد الْحَرَام وعَلى الْمَسْعَى وصير الْمجمع الْمَذْكُور مدرسة بناها بالرخام الملون والسقف الْمَذْهَب وَقرر فِيهَا أَرْبَعَة مدرسين على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَأَرْبَعين طَالبا وَأرْسل خزانَة كتب وَقفهَا على طلبة الْعلم وَجعل مقرها الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَجعل الْوَاقِف فِي ذَلِك الْمجمع للقضاة الْأَرْبَعَة حضوراً بعد الْعَصْر مَعَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء يقرءُون ثَلَاثِينَ جُزْءا من الْقُرْآن وَجعل لَهَا معلم أَرْبَعِينَ صَبيا من الْأَيْتَام ورتب لكل وَاحِد من الْأَيْتَام وَأهل الخلاوي مَا يكفيهم من الْقَمْح كل سنة وللمدرسين وقراء الربعة وَأهل الخدم مبالغ من الذَّهَب تصرف لَهُم كل سنة وَبنى عدَّة ربوع ودور تغل فِي كل عَام نَحوا من ألفي دِينَار ووقف عَلَيْهِم بِمصْر قرى وضياعاً كَثِيرَة تغل حبوباً كَثِيرَة تحمل كل عَام إِلَى أهالي مَكَّة وَعمل من الْخيرَات الْعَظِيمَة مَا لم يعمله سُلْطَان قبله وَذَلِكَ باقٍ إِلَى الْآن إِلَّا أَن الْأكلَة استولت على تِلْكَ الْأَوْقَاف فضعفت جدا قلت هَذَا فِي زمَان قطب الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَأما الْآن فقد تضاعفت لَا ضعفت إِلَّا أَنَّهَا كَمَا قَالَ رَحمَه الله قد استولت عَلَيْهَا أَكلَة النظار وَقد صَارَت الْمدرسَة سكناً لأمراء الْحَج إِذا وصلوا مَكَّة أَيَّام الْمَوْسِم وَكَانَ الْفَرَاغ من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute