المناصب فَأرْسل إِلَيْهِ الْغَزالِيّ وَكَانَ قد هرب فِي الْوَقْعَة الأولى من الريدانية إِلَى جِهَة الصالحية فَطلب الْأمان فَلَمَّا علم السُّلْطَان أَنه لم يحضر الْوَقْعَة الَّتِي دَاخل الْبَلَد عَفا عَنهُ وَطَلَبه فجَاء نَائِبا مُسْتَغْفِرًا فأنعم عَلَيْهِ ببلدة سجاع ثمَّ أَقَامَ السُّلْطَان فِي مَحَله إِلَى ثَالِث عشري محرم وارتحل وَصعد إِلَى القلعة ثمَّ إِن طومان باي أرسل بِطَلَب الْأمان وَالْعَفو عَمَّا مضى فَقبل السُّلْطَان مِنْهُ ذَلِك واستمال خاطره وَأرْسل بجوابه وإجابته كيخية عَسْكَر أنادول مصطفى شلبي والقضاة الْأَرْبَعَة قُضَاة مصر وَكتب إِلَيْهِ بالعهد والأمان مَعَهم فَلَمَّا وصلوا إِلَيْهِ مَنعه بعض المفسدين من الشراكسة وحرضوه على الْعِصْيَان فَقتل مصطفى شلبي الْمَذْكُور والقضاة الْأَرْبَعَة وَأظْهر عدم الانقياد وَاجْتمعَ عِنْده بَقِيَّة الشراكسة وَطَائِفَة من العربان وَقصد الْعود إِلَى مصر وتعدى على المراكب وَوصل قريب مصر حَتَّى نزل ببركة الْحَبَش فعين السُّلْطَان بعض الْأُمَرَاء والعساكر لحربه فتوجهوا لقتاله وَخرج السُّلْطَان أَيْضا بِنَفسِهِ فَنزل بِالْقربِ من النّيل فارتحل طومان باي من مَحَله وهرب فَتَبِعَهُ الْعَسْكَر منَازِل فَعلم الْأُمَرَاء أَنه لَا رَاحَة لَهُم مَا دَامَ مَوْجُودا فتركوا أثقالهم وَسعوا فِي طلبه فادركوه بَين الْإسْكَنْدَريَّة ورشيد فَحصل حَرْب عَظِيم وَقبض على جمَاعَة مِمَّن مَعَه وهرب هُوَ وَتوجه فِي طلبه بعض الْأُمَرَاء فأدركه فِي بحيرة وأحاط بِهِ وَقتل جَمِيع من مَعَه فَألْقى طومان باي نَفسه فِي الْبَحْر فَلَمَّا أشرف على الْغَرق طلب الْأمان فرموا لَهُ جبلا وَتمسك بِهِ فجروه إِلَى الْبر ومسكوه وقيدوه وَجَاءُوا بِهِ إِلَى السُّلْطَان وَيُقَال إِنَّه هرب واستجار بشيخ عرب بني جذام عبد الدَّائِم ابْن مقرّ وَأَنه هرب إِلَى خياط السُّلْطَان سليم وَسلم إِلَيْهِ السُّلْطَان طوما باي ذكر هَذَا الْعَلامَة قطب الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فقصد السُّلْطَان الْعَفو عَنهُ لما رَآهُ ثمَّ تذكر جرائمه وَنقض الْعَهْد وَقتل الْقُضَاة الْأَرْبَعَة والكيخية وَعلم أَن الْفِتْنَة لَا تنام مَا دَامَ مَوْجُودا فَأمر بشنقه فشنق على بَاب زويلة فتم أَمر السُّلْطَان سليم خَان على مصر وَقد مهد القوانين وَالْقَوَاعِد وَنصب الْقُضَاة الْأَرْبَعَة على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَولى ملك الْأُمَرَاء الْأَمِير خير بك على مصر المحروسة وَولى جَان بردي الْغَزالِيّ على الشَّام وَكَانَ وعدهما بذلك وهما من خَواص أُمَرَاء الغوري وَكَانَا يكرهانه فِي الْبَاطِن ويكرههما كَذَلِك فَأرْسل لَهما السُّلْطَان الْأمان وعهد لَهما أَن يوليهما مصر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute