فَانْكَسَرت الشراكسة وَلم يزل عَسْكَر السُّلْطَان خَلفهم إِلَى أَن أدخلوهم بُيُوتهم فنهبت بُيُوتهم وَأَمْوَالهمْ وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشر ذِي الْحجَّة الْحَرَام سلخ سنة ٩٢٢ اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَفِي صبح يَوْم الْجُمُعَة غرَّة محرم الْحَرَام افْتِتَاح سنة ٩٢٣ ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة أَمر السُّلْطَان فِي الْمَسْجِد والجوامع بِالْخطْبَةِ باسمه الشريف وَضرب السِّكَّة كَذَلِك باسمه وَأقَام بالعادلية ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ ارتحل وَدخل الْبِلَاد وتعدى إِلَى الجيزة وَنزل بعسكره فِيهَا فَجمع طومان باي من بَقِي من الشراكسة نَحْو سَبْعَة آلَاف وهجم على الْبِلَاد لَيْلًا وَاتفقَ مَعَه بعض الْعَرَب وَتَبعهُ خلق من أهل مصر وَقتلُوا جَمِيع من وجد فِي الْبَلَد من الْعَسْكَر العثماني وَقصد الهجوم لَيْلًا على السُّلْطَان فِي الجيزة وهيأ مراكب الْبَحْر للذهاب فَلَمَّا بلغ ذَلِك السُّلْطَان سليم خَان عين جمَاعَة على المعابر وَأمر العساكر بالتقيد وَعدم الْغَفْلَة فَلم يقدر طومان باي على الهجوم لَيْلًا وَبعث جمَاعَة وَأمرهمْ بالهجوم على مصر وكل من وجدوه من آدَمِيّ أَو بَهِيمَة قَتَلُوهُ أَو مَحل قَابل للحرق أحرقوه وأغاروا على النَّاس والمصريون يقاتلونهم من الْأَمَاكِن الحصينة بِالسِّهَامِ وَالْحِجَارَة وَاسْتمرّ الْحَرْب على هَذَا الأسلواب ثَلَاثَة أَيَّام فوصل السُّلْطَان بِنَفسِهِ وَسَار على الْبِلَاد وَرمى المدافع على جَمِيع من لاقاه وَاشْتَدَّ الْحَرْب فِي الرميلة وَهلك خلق كثير من الْجِهَتَيْنِ ثمَّ هرب طومان باي إِلَى جَامع الشيخونية وَحَارب هُنَاكَ ضجت الرعايا بِطَلَب الْأمان وَكثر الصياح مِنْهُم فَأَمنَهُمْ السُّلْطَان وَأمر بتتبع الشراكسة خَاصَّة فَلم يجد طومان باي بدّاً من الهروب فَخرج فِي نَحْو عشرَة أنفس هَارِبا لجِهَة الصَّعِيد وَقتل ذَلِك الْيَوْم مَا ينيف على أَرْبَعَة آلَاف نفس حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء وتكدر بَحر النّيل وتعفن الْهَوَاء لذَلِك فرميت أجسامهم فِي الْبَحْر وجمعت رُءُوسهم أكواماً بعد أكوام فَعَاد السُّلْطَان لمخيمه بالجيزة وَبنى لَهُ كوشكاً عَالِيا يسكنهُ مُدَّة مقَامه بِمصْر هرباً من العفونة وَنقل إِلَيْهِ من قبض عَلَيْهِ من أَعْيَان أُمَرَاء الشراكسة فَأمر بِضَرْب أَعْنَاقهم على ضوء المشاعل وَقتل سِنَان باشا ذَلِك الْيَوْم فأسف عَلَيْهِ السُّلْطَان سليم وَقَالَ أَي فَائِدَة فِي مصر بِلَا يُوسُف لِأَن سِنَان لقبه يُوسُف وَفِي صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم دون ديواناً رتب فِيهِ للعساكر العطايا وَعين أَرْبَاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute