وَكَذَلِكَ عين عَرَفَات تَنْقَطِع عَن وصولها إِلَى مُنْتَهَاهَا لتهدم قنواتهما وتخريبهما بالسيول وَكَانَت الْخُلَفَاء والسلاطين إِذا بَلغهُمْ ذَلِك أرْسلُوا وعمروها عِنْد انتظام سلطنتهم وَقُوَّة تمكنهم فتجري تَارَة وتنقطع أُخْرَى فعمرها مظفر الدّين صَاحب إربل سنة خمس وسِتمِائَة ثمَّ الْمُسْتَنْصر العباسي سنة سِتّمائَة وتسع وَعشْرين ثمَّ فِي سِتّمائَة وَثَلَاث وَثَلَاثِينَ ثمَّ فِي سنة سِتّمائَة وَأَرْبع وَثَلَاثِينَ وجد ذَلِك مَكْتُوبًا فِي حجر مَبْنِيّ فِي قرب الْموقف الشريف ثمَّ عمر عين حنين الْأَمِير جوبان نَائِب السلطنة بالعراقين سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة فأجراها إِلَى مَكَّة وَتمّ نَفعهَا فَإِنَّهُم كَانُوا فِي جهد عَظِيم لقلَّة المَاء ثمَّ عمرها شرِيف مَكَّة الشريف حسن بن عجلَان جد سَادَاتنَا الْأَشْرَاف أَشْرَاف مَكَّة وملوكها الْآن أدام الله سعادتهم مدى الزَّمَان فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة فجرت وانفجرت وَكثر الدُّعَاء لَهُ من أهل الْبِلَاد وَالْحجاج والعباد ثمَّ انْقَطَعت وَلَقي النَّاس لذَلِك شدَّة عَظِيمَة إِلَى أَن عمرها الْملك الْمُؤَيد أَبُو النَّصْر شيخ المحمودي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ثمَّ عمرها وَعمر عين عَرَفَات السُّلْطَان قايتباي أجْرى الأولى إِلَى أَن دخلت مَكَّة وأجرى الثَّانِيَة إِلَى أَن وصلت إِلَى أَرض عَرَفَات وَذَلِكَ بمناشرة الْأَمِير يُوسُف الجمالي وأخيه سنقر الجمالي فِي سنة ثَمَانمِائَة وَسبعين ثمَّ عمر عين حنين آخر مُلُوك الشراكسة قانصوه الغوري إِلَى أَن جرت وملأت برك الْحجَّاج بالمعلاة ثمَّ جرت إِلَى بازان ثمَّ إِلَى بركَة الماجن بِأَسْفَل مَكَّة ثمَّ انْقَطَعت فِي أَوَائِل الدولة العثمانية وَصَارَ أهل مَكَّة يستقون من آبار حول مَكَّة يُقَال لَهَا العسيلات علو مَكَّة وَمن آبار بأسفلها بمَكَان يُقَال لَهُ الزَّاهِر وسُمي الْآن بالجوخي فِي طَرِيق التَّنْعِيم وَكَذَلِكَ انْقَطَعت عين عَرَفَات وتهدمت قنواتها وَكَانَ الْحجَّاج يحملون المَاء إِلَى عَرَفَات من الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة وَصَارَ الْفُقَرَاء من الْحجَّاج وَغَيرهم فِي يَوْم عَرَفَة لَا يطْلبُونَ إِلَّا المَاء لغلو المَاء وعزته جدا قَالَ الْعَلامَة القطب وَإِنِّي أذكر سنة تِسْعمائَة وَثَلَاثِينَ وَأَنا يَوْمئِذٍ مراهق فِي خدمَة وَالِدي أَنِّي اشْتريت قربَة صَغِيرَة جدا يحملهَا الْإِنْسَان بإصبعيه بِدِينَار ذهب والفقراء يصيحون من الْعَطش يطْلبُونَ مَا يبل حُلُوقهمْ فِي ذَلِك الْيَوْم الشَّديد فَلَمَّا كَانَ وَقت الْوُقُوف وَالنَّاس عطاش يلهثون أمْطرت السَّمَاء وسالت السُّيُول من فضل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute