الله وَالنَّاس واقفون فصاروا يشربون من السَّيْل من تَحت أَرجُلهم ويسقون دوابهم وَذَلِكَ من رَحْمَة الله ولطفه بعباده فبرزت الْأَوَامِر السُّلْطَانِيَّة السليمانية بإصلاحهما وعُين لذَلِك نَاظر اسْمه مصلح الدّين مصطفى من المجاورين بِمَكَّة فبذل جهده فِي عمارتهما فجرت عين حنين إِلَى مَكَّة وَعين نعْمَان إِلَى عَرَفَات وَذَلِكَ سنة ٩٣١ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ اشْترى النَّاظر الْمَذْكُور عبيدا سُودًا من مَال السلطنة وزوجهم بمثلهم وَجعل لَهُم جرايات وعلوفات برسم خدمَة الْعين وَإِصْلَاح قنواتها فَهِيَ خدمتهم دَائِما وهم باقون إِلَى الْآن طبقَة بعد طبقَة ثمَّ توجه النَّاظر إِلَى الْأَبْوَاب لعرض أُمُور فِي شَأْن الْعين فَأُجِيب إِلَى مَا أَرَادَ وَعَاد إِلَى مصر ثمَّ ركب من بندر السويس قَاصِدا مَكَّة فغرق فِي بَحر القلزم شَهِيدا وَمَا غرق إِلَّا فِي بَحر رَحْمَة الله تَعَالَى سنة ٩٣٩ تسع وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ انْقَطَعت سنة سِتِّينَ وَتِسْعمِائَة فعرضت أَحْوَال الْعُيُون لي الْأَبْوَاب السُّلْطَانِيَّة السليمانية فَالْتَفت الخاطر السلطاني وَتوجه الْعَطف العثماني إِلَى تدارك ذَلِك بِأَيّ وَجه يكون وَأمر بالفحص عَن أَحْوَال الْعُيُون فَاجْتمع قَاضِي مَكَّة يَوْمئِذٍ عبد الْبَاقِي بن عَليّ الْغَزِّي والأمير خير الدّين سنجق جدة يَوْمئِذٍ وَغَيرهمَا من الْأَعْيَان وتفحصوا وداروا وكشفوا فأجمع رَأْيهمْ أَن أقوى الْعُيُون عين عَرَفَات وطريقها ظَاهر ودبولها مَبْنِيَّة إِلَى بِئْر زبيدة وَأَن الَّذِي يغلب على الظَّن أَن دبولها من الْبِئْر إِلَى مَكَّة مَبْنِيَّة أَيْضا وَأَنَّهَا مخفية تَحت الأَرْض وَأَنَّهَا تحْتَاج إِلَى الْكَشْف عَنْهَا والحفر فَإِذا وجدوا من الدبل متهدماً بنوه وَإِذا وجدوا مختلاً أصلحوه فخمنوا أَنهم يَحْتَاجُونَ فِي ذَلِك إِلَى ثَلَاثِينَ ألف دِينَار ذَهَبا وذرعوه وقاسوه فَكَانَ من الأوجر إِلَى بطن مَكَّة خَمْسَة وَأَرْبَعين ألف ذِرَاع بِذِرَاع الْعَمَل وَهُوَ أَزِيد من الذِّرَاع الشَّرْعِيّ بِنَحْوِ الرّبع وَهَذَا الَّذِي طنوه من وجود دبل تَحت الأَرْض من بِئْر زبيدة إِلَى مَكَّة لم يُوجد فِي كتب التَّارِيخ وَلم يذكرهُ أحد وَإِنَّمَا أداهم إِلَى ذَلِك مُجَرّد الظَّن بِحَسب القرا ئن وعرضوا على المسامع الشَّرِيفَة السُّلْطَانِيَّة فِي أَوَائِل سنة ٩٦٠ سِتِّينَ وَتِسْعمِائَة فَلَمَّا وصل علم ذَلِك التمست جانم سُلْطَان كَرِيمَة السُّلْطَان سُلَيْمَان أَن يَأْذَن لَهَا فِي عمل هَذَا الْخَيْر حَيْثُ كَانَت صَاحِبَة الْخَيْر أَولا أم جَعْفَر زبيدة العباسية فَنَاسَبَ أَن تكون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute