مَالك بَيته وَأرْسل مُحَمَّد الْمَذْكُور إِلَى إِسْمَاعِيل عبد الله بن جَعْفَر يَدعُوهُ إِلَى بيعَته وَكَانَ شَيخا كَبِيرا فَقَالَ أَنْت وَالله يَابْنَ أخي مقتول فَكيف أُبَايِعك فَرجع النَّاس عَنهُ قَلِيلا قَلِيلا وأسرع بَنو مُعَاوِيَة بن عبد الله بن جَعْفَر إِلَى مُحَمَّد فَجَاءَت أختهم حمادة إِلَى عَمها إِسْمَاعِيل وَقَالَت يَا عَم إِن مَقَالَتك ثبطت النَّاس عَن مُحَمَّد وإخوتي مَعَه فأخشى أَن يقتلُوا فطردها فَيُقَال إِنَّهَا غَدَتْ عَلَيْهِ فَقتلته وَلما اسْتَوَى أَمر مُحَمَّد بن الْمَحْض الْمَذْكُور ركب رجل من آل أويس بن أبي سرح اسْمه الْحُسَيْن بن صَخْر وَجَاء إِلَى الْمَنْصُور فِي تسع وَخَبره الْخَبَر فَقَالَ أَنْت رَأَيْته قَالَ نعم وكلمته على مِنْبَر رَسُول الله
ثمَّ تتَابع الْخَبَر وأشفق الْمَنْصُور من أمره فَاسْتَشَارَ أهل بَيته ودولته فَبعث إِلَى عَمه عبد الله وَهُوَ مَحْبُوس يستشيره فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يقْصد الْكُوفَة فَإِنَّهُم شيعَة أهل الْبَيْت فَيملك عَلَيْهِم أَمرهم ويحفها بالمسالح حَتَّى يعرف الدَّاخِل وَالْخَارِج ويستدعي سَالم بن قُتَيْبَة من الرّيّ فيحشد مَعَه كَافَّة أهل الشَّام ويبعثه وَأَن يثبت الْعَطاء فِي النَّاس فَخرج الْمَنْصُور إِلَى الْكُوفَة وَتَبعهُ عبد الله بن الرّبيع بن عبيد الله بن عبد المدان وَلما قد الْكُوفَة أرسل إِلَى بديل بن يحيى وَكَانَ السفاح يشاوره فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يشحن الأهواز بالجنود وَأَشَارَ عَلَيْهِ جَعْفَر بن حَنْظَلَة البهراني بِأَن يبْعَث الْجند إِلَى الْبَصْرَة فَلَمَّا ظهر إِبْرَاهِيم أَخُو مُحَمَّد الْمَذْكُور بِتِلْكَ النَّاحِيَة تبين وَجه إشارتهما وَقَالَ الْمَنْصُور لجَعْفَر بن حَنْظَلَة كَيفَ خفت الْبَصْرَة قَالَ لِأَن أهل الْمَدِينَة لَيْسُوا أهل حَرْب حسبهم أنفسهم وَأهل الْكُوفَة تَحت قدمك وَأهل الشَّام أَعدَاء الطالبيين وَلم يبْق إِلَّا أهل الْبَصْرَة ثمَّ إِن الْمَنْصُور كتب إِلَى مُحَمَّد بن عبد الله الْمَحْض الْمَذْكُور كتاب أَمَان فَأجَاب عَنهُ بِالرَّدِّ والتعريض بِأُمُور فِي الْأَنْسَاب وَالْأَحْوَال فَأَجَابَهُ الْمَنْصُور بِمثل ذَلِك وانتصف كل مِنْهُمَا لنَفسِهِ بِمَا يَنْبَغِي الْإِعْرَاض عَنهُ مَعَ أَنَّهُمَا صَحِيحَانِ مرويان وذكرهما الْمبرد فِي كَامِله فَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِمَا فليلتمسهما فِي أماكنهما ذكر جَمِيع هَذَا الْعَلامَة ابْن خلدون فِي كِتَابه الْمُسَمّى كتاب العبر وديوان الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي دولة الْعَرَب والعجم والبربر قلت قد أَحْبَبْت ذكرهمَا تجميلأ للجامع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute