وَعَن عِكْرِمَة أَصَابَته جدرية وَهُوَ أول جدري ظهر فِي الأَرْض قَالَ ابْن إِسْحَاق وحَدثني يَعْقُوب بن عقبَة أَنه حَدثهُ أَنه أول مَا رئيت الحصبة والجدري بِأَرْض الْعَرَب ذَلِك الْعَام قَالَ مقَاتل إِن السَّبَب الَّذِي جر أَصْحَاب الْفِيل أَن فتية من قُرَيْش خَرجُوا تجارًا إِلَى أَرض النَّجَاشِيّ فدنوا من سَاحل الْبَحْر وثمة بيعَة لِلنَّصَارَى تسميها قُرَيْش الهيكل فنزلوا فأججوا نَارا فاشتووا فَلَمَّا ارتحلوا تركُوا النَّار كَمَا هِيَ فِي يَوْم عاصف فهاجت الرّيح فاضطرم الهيكل نَارا فَانْطَلق الصَّرِيخ إِلَى النَّجَاشِيّ فأسف غَضبا لِلْبيعَةِ فَبعث أَبْرَهَة لهدم الْكَعْبَة وَقَالَ فِيهِ يَعْنِي مقَاتل إِنَّه كَانَ بِمَكَّة يَوْمئِذٍ أَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَكَانَ مكفوف الْبَصَر يصيف بِالطَّائِف ويشتو بِمَكَّة وَكَانَ رجلا نبيها نبيلاً تستقيم الْأُمُور بِرَأْيهِ وَكَانَ خَلِيلًا لعبد الْمطلب فَقَالَ لَهُ عبد الْمطلب مَاذَا عنْدك هَذَا الْيَوْم لَا نستغني عَن رَأْيك فَقَالَ أَبُو مَسْعُود لعبد الْمطلب اعهد إِلَى مائَة من الْإِبِل فاجعلها لله وقلدها نعلا ثمَّ بثها فلي الْحرم لَعَلَّ بعض هَذِه السود أَن يعقر مِنْهَا فيغضب رب هَذَا الْبَيْت فيأخذهم فَفعل ذَلِك عبد الْمطلب فعهد الْقَوْم إِلَى تِلْكَ الْإِبِل فحملوا عَلَيْهَا وعقروا بَعْضهَا وَجعل عبد الْمطلب يدعوا فَقَالَ أَبُو مَسْعُود إِن لهَذَا الْبَيْت رَبًّا يمنعهُ وَقد نزل تبع الْيمن صحن هَذَا الْبَيْت وَأَرَادَ هَدمه فَمَنعه الله وابتلاه وأظلم عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا رأى تبع ذَلِك رَجَعَ عَن نِيَّته وكساه الْقبَاطِي الْبيض وعظمه وَنحر لَهُ الجزائر فَانْظُر كَيفَ جِهَته فَنظر عبد الْمطلب فَقَالَ أرى طيراً بيضًا نشأت من شاطي الْبَحْر فَقَالَ أَبُو مَسْعُود ارمقها ببصرك أَيْن قَرَارهَا قَالَ أَرَاهَا تَدور على رءوسنا قَالَ هَل تعرفها قَالَ عبد الْمطلب لَا وَالله مَا أعرفهَا فَمَا هِيَ بنجدية وَلَا تهامية وَلَا غربية وَلَا شامية قَالَ مَا قدرهاه قَالَ أشباه اليعاسيب فِي مناقيرها حَصى كَأَنَّهَا حَصى الْخذف قد أَقبلت كالليل يكسع بَعْضهَا بَعْضًا أَمَام كل فرقة طير يَقُودهَا أَحْمَر المنقار أسود الرَّأْس طَوِيل الْعُنُق فَجَاءَت حَتَّى إِذا حاذت معسكر الْقَوْم كرت فَوق رؤوسهم فَلَمَّا توافت الرِّجَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute