للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنصوصة تفِيد الْحصْر فإباحة أكلهَا تَقْتَضِي خلاف ظَاهر الْآيَة ثَانِيهَا عطف البغال وَالْحمير فَدلَّ على اشتراكها مَعَهُمَا فِي حكم التَّحْرِيم فَيحْتَاج من أفرد حكم مَا عطف عَلَيْهَا إِلَى دَلِيل ثَالِثهَا أَن الْآيَة سيقت مساق الامتنان فَلَو كَانَ ينْتَفع بهَا فِي الْأكل لَكَانَ الامتنان بِهِ أعظم والحكيم لَا يمتن بِأَدْنَى النعم وبترك أَعْلَاهَا لَا سِيمَا وَقد وَقع الامتنان بِالْأَكْلِ فِي الْمَذْكُورَات قبلهَا رَابِعهَا لَو أُبِيح أكلهَا لفاتت الْمَنْفَعَة بهَا فِيمَا وَقع بِهِ الامتنان من الرّكُوب والزينة وَأجِيب بِأَن آيَة النَّحْل مَكِّيَّة اتِّفَاقًا وَالْإِذْن فِي أكل الْخَيل كَانَ بعد الْهِجْرَة من مَكَّة بِأَكْثَرَ من سِتّ سِنِين فَلَو فهم النَّبِي

من الْآيَة الْمَنْع لما أذن فِي الْأكل وَأَيْضًا فآية النَّحْل لَيست نصا فِي منع الْأكل والْحَدِيث صَرِيح فِي جَوَازه وَأَيْضًا فَلَو سلمنَا أَن اللَّام للتَّعْلِيل لم نسلم إِفَادَة الْحصْر فِي الرّكُوب والزينة فَإِنَّهُ ينْتَفع بِالْخَيْلِ فِي غَيرهَا وَفِي الْأكل اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا ذكر الرّكُوب والزينة لِكَوْنِهِمَا أغلب مَا تطلب لَهُ الْخَيل وَنَظِيره حَدِيث الْبَقَرَة الْمَذْكُور فِي الصَّحِيحَيْنِ خاطبت راكبها فَقَالَت لم أخلق لهَذَا وَإِنَّمَا خلقت للحرث فَإِنَّهُ مَعَ كَونه أصرح فِي الْحصْر مَا يقْصد بِهِ إِلَّا الْأَغْلَب وَإِلَّا فَهِيَ تُؤْكَل وَينْتَفع بهَا فِي أَشْيَاء غير الْحَرْث اتِّفَاقًا وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَاسْتدلَّ بهَا أَي بِآيَة النَّحْل على حُرْمَة لحومها وَلَا دَلِيل فِيهَا إِذْ لَا يلْزم من تَعْلِيل الْعقل بِمَا يقْصد مِنْهُ غَالِبا إِلَّا يقْصد مِنْهُ غَيره أَيْضا انْتهى وَأَيْضًا فَلَو سلم الِاسْتِدْلَال للَزِمَ منع حمل الأثقال على الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَلَا قَائِل بِهِ وَأما عطف البغال وَالْحمير فدلالة الْعَطف إِنَّمَا هِيَ وضعية وَهِي ضَعِيفَة وَأما أَنَّهَا سيقت مساق الامتنان فالامتنان إِنَّمَا قصد بِهِ غَالب مَا يَقع بِهِ انتفاعهم بِالْخَيْلِ فَخُوطِبُوا بِمَا ألفوا وَعرفُوا وَلم يَكُونُوا يعْرفُونَ أكل الْخَيل لعزتها فِي بِلَادهمْ بِخِلَاف الْأَنْعَام فَإِن أَكثر انتفاعهم بهَا كَانَ بِحمْل الأثقال وَالْأكل فاقتصر فِي كل من إلصنفين على الامتنان بأغلب مَا ينْتَفع بِهِ فَلَو لزم من ذَلِك الْحصْر فِي هَذَا الشق لأضر

<<  <  ج: ص:  >  >>