وَقد اخْتلف الْعلمَاء هَل يجبُ على من دخل مَكَّة الْإِحْرَام أم لَا فَالْمَشْهُور من مَذْهَب الشَّافِعِي أَن من قَصدهَا لغير النّسك لَا يجبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَام مُطلقًا وَفِي قَول يجب إِن لم يتَكَرَّر دُخُوله كحطاب وحشاش وصياد وَالْمَشْهُور عَن الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة الْوُجُوب وَفِي رِوَايَة عَن كل مِنْهُم لَا يجب وَجزم بِهِ الْحَنَابِلَة باستثناء ذوى الْحَاجَات المتكررة وَاسْتثنى الْحَنَفِيَّة من كَانَ دَاخل الْمِيقَات وَالله أعلم وَقد زعم الْحَاكِم فِي الإكليل أَن بَين حَدِيث أنس فِي المغفر وَبَين حَدِيث جَابر فِي الْعِمَامَة السَّوْدَاء مُعَارضة وتعقبوه بِاحْتِمَال أَن يكون أول دُخُوله كَانَ على رَأسه المغفر ثمَّ أزاله وَلبس الْعِمَامَة بعد ذَلِك فَحكى كل مِنْهُمَا مَا رَآهُ وَيُؤَيِّدهُ أَن فِي حَدِيث عَمْرو بن حُرَيْث أَنه خطب النَّاس وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء أخرجه مُسلم أَيْضا وَكَانَت الْخطْبَة عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَذَلِكَ بعد تَمام الدُّخُول وَهَذَا الْجمع للْقَاضِي عِيَاض وَقَالَ غَيره يجمع بِأَن الْعِمَامَة السَّوْدَاء كَانَت ملفوفة فَوق المغفر وَكَانَت تَحت المغفر وقاية لرأسه الشريف من صدأ الْحَدِيد فَأَرَادَ أنس بِذكر المغفر كَونه دخل متأهباً للحرب وَأَرَادَ جَابر بِذكر الْعِمَامَة كَونه دخل غير محرم وَفِي البُخَارِيّ عَن أُسَامَة بن زيد أَنه قَالَ زمن الْفَتْح يَا رَسُول الله أَيْن تنزل بِنَا غَدا قَالَ
وَهل ترك لنا عَقِيلٌ من منزل وَفِي رِوَايَة هَل ترك لنا عَقِيلٌ من رباع أَو دور وَكَانَ عقيلٌ ورث أَبَا طَالب وطالباً وَلم يرثْ عَليّ وَلَا جَعْفَر شَيْئا لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسلمين وَكَانَ عقيل وطالب كافرينِ إِذْ ذَاك فَكَانَ عمر بن الْخطاب يَقُول لَا يَرث الْكَافِر الْمُؤمن وَلَا الْمُؤمن الْكَافِر وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام منزلنا إِن شَاءَ الله إِذا فتح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute