وَانْظُر إِلَى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده فنفى
مَا تقدم ذكره وَهَذَا هُوَ معنى الْحَقِيقَة لِأَن الْإِنْسَان وَفعله خلق لرَبه عز وَجل فَهُوَ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّذِي خلق ودبر وأعان وأجرى الْأُمُور على يَد من شَاءَ وَمن اخْتَار من خلقه فَكل مِنْهُ وَإِلَيْهِ وَلَو شَاءَ الله أَن يبيد أهل الْكفْر من غير قتال لفعل قَالَ تَعَالَى {ذَلِك وَلَو يشاءُ اللهُ لانتصَرَ مِنهُم وَلَكِن ليبلُوَا بَعضَكم بِبَعض} مُحَمَّد ٤ ليثبت الصابرين وَيجْزِي الثَّوَاب للشاكرين قَالَ تَعَالَى {وَلَنَبلُوَنكُم حَتى نَعلَمَ المجاَهِدِينَ مِنْكُم وَالصَّابِرِينَ ونبلوا أخباركم} فعلى الْمُكَلف الِامْتِثَال فِي الْحَالَتَيْنِ أَي امْتِثَال تعاطى الْأَسْبَاب تأدباً مَعَ الربوبية كَمَا فعل ذَلِك
أَولا تأدباً مَعَ الربوبية وتشريعاً لأمته ثمَّ يظْهر الله مَا يَشَاء من قدرته الغامضة الَّتِي ادخرها لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَه ابْن الْحَاج فِي الْمدْخل وَلما قيل لَهُ يَا رَسُول الله ادْع على ثَقِيف قَالَ اللَّهُمَّ اهد ثقيفاً وائت بهم وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قد أَمر أَن يجمع السَّبي والغنائم مِمَّا أَفَاء الله على رَسُوله يَوْم حنين فَجمع ذَلِك كُله إِلَى الجعرَانة فَكَانَ بهَا إِلَى أَن انْصَرف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من الطَّائِف وَكَانَ السَّبي سِتَّة آلَاف رَأس وَالْإِبِل أَرْبَعَة وَعشْرين ألف بعير وَالْغنم أَكثر من أَرْبَعِينَ ألف شَاة وَأَرْبَعَة آلَاف أُوقِيَّة فضَّة واستأنى
بهوازن أَي انْتظر وتربص أَن يقدموا عَلَيْهِ مُسلمين بضع عشرَة ثمَّ بَدَأَ يقسم الْأَمْوَال وَفِي البُخَارِيّ وطفق
يُعْطي رجَالًا الْمِائَة من الْإِبِل مِنْهُم أَبُو سُفْيَان وعيينة بن حصن الْفَزارِيّ والأقرع بن حَابِس التَّمِيمِي وَأعْطى الْعَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ سِتِّينَ فسخطها ثمَّ أَتَى إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَأَنْشد // (من المتقارب) //
(أتجْعَلُ نَهْبِي ونَهْبَ العَبِيدِ ... بَين عُيَيْنَةَ والأَقْرَع)
(فَمَا كَانَ حِصْنٌ ولَا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي مَجْمَعِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute