وأعف النَّاس وأسخاهم لَا يسْأَل شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ لَا يبيت عِنْده دِينَار وَلَا دِرْهَم فَإِن فضل وَلم يجد من يُعْطِيهِ وفجأه اللَّيْل لم يأو إِلَى منزله حَتَّى يبرأ مِنْهُ إِلَى من يحْتَاج إِلَيْهِ لَا يَأْخُذ مِمَّا أعطَاهُ الله إِلَّا قوت عَامه فَقَط من أيسر مَا يجد وَيَضَع سَائِر ذَلِك فِي سَبِيل الله ثمَّ يعود على قوت عَامه فيؤثر مِنْهُ وَكَانَ أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها لَا يثبت نظره فِي وَجه أحد غاض الطّرف نظره إِلَى الأَرْض أطول من نظره إِلَى السَّمَاء جلّ نطره الملاحظ وَأكْثر تواضعاً يخصف النَّعْل ويرقع الثَّوْب ويفليه قلت معنى يفليه لَيْسَ من الْقمل كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر لِأَن الْقمل لَا يلْحق جسده الشريف وَإِنَّمَا المُرَاد بالتفلية التنقية من نَحْو قشة أَو غُبَار وَمَا أشبههَا ويخيطه ويخدم فِي مهنة أَهله وَيقطع اللَّحْم مَعَهُنَّ ويجيب دَعْوَة الْحر وَالْعَبْد وَيقبل الْهَدِيَّة وَإِن قلت ويكافىء عَلَيْهَا ويأكلها وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة تستتبعه الْأمة والمسكين فيتبعهما حَيْثُ دَعْوَاهُ ويجيب الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ويجالسهم ويواكلهم وأصدق النَّاس لهجة وأوفاهم ذمَّة وألينهم عَرِيكَة وَأكْرمهمْ عشرَة وأرحمهم يصغي الْإِنَاء للهرة فَمَا يرفعهُ حَتَّى تروى رَحْمَة لَهَا وأشدهم إِكْرَاما لأَصْحَابه لَا يمد رجله بَينهم ويوسع عَلَيْهِم إِذا ضَاقَ الْمجْلس ويتفقدهم وَيسْأل عَنْهُم من مرض عَاده وَمن غَابَ دَعَا لَهُ وَمن مَاتَ اسْترْجع وأتبع ذَلِك بِالدُّعَاءِ لَهُ وَمن تخوف أَنه وجد فِي نَفسه انْطلق حَتَّى يَأْتِيهِ فِي منزله وَيقبل معذرة المعتذر وَيخرج إِلَى بساتين أَصْحَابه وَيَأْكُل من ضيافتهم وَلَا يطوي بشره عَن أحد وَلَا يدع أحدا يمشي خَلفه وَيَقُول خلوا ظَهْري للْمَلَائكَة وَلَا يدع أحد يمشي مَعَه وَهُوَ رَاكب حَتَّى يحملهُ فَإِن أَبى قَالَ تقدمني إِلَى الْمَكَان الَّذِي تُرِيدُ وَأمر فِي سَفَره باصلاح شَاة فَقَالَ رجل عَليّ ذَبحهَا وَآخر عليَّ سلخها وَآخر عليَّ طبخها فَقَالَ
وعليَّ جمع الْحَطب فَقَالُوا نَحن نكفيك قَالَ قد علمت وَلَكِن اكره أَن أتميز عَلَيْكُم فَإِن الله يكره من عبد أَن يرَاهُ متميزاً بَين أَصْحَابه وَقَامَ بِجمع الْحَطب يخْدم من خدمه مَا ضرب قطّ خادمه وَلَا امْرَأَة وَلَا شَيْئا إِلَّا فِي جِهَاد وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute