الْحَال فَصَارَ عِنْده دَلِيلا قَطْعِيا مُخَصّصا لعُمُوم تِلْكَ الْآيَات مَعَ أَن أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لم ينْفَرد بِرِوَايَة هَذَا الحَدِيث فقد رَوَاهُ أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَعلي نَفسه وَالْعَبَّاس وَعُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر وَسعد كلهم كَانُوا يعلمُونَ ذَلِك وَإِنَّمَا انْفَرد أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ باستحضاره أَولا ثمَّ استحضره الْبَاقُونَ وَعَلمُوا أَنهم سَمِعُوهُ مِنْهُ
فالصحابة فِي موافقتهم أَبَا بكر على حكمه لم يعملوا بِرِوَايَة أبي بكر وَحدهَا وَإِن كَانَت كَافِيَة أَي كَافِيَة فِي ذَلِك وَإِنَّمَا عمِلُوا بهَا وَبِمَا انْضَمَّ إِلَيْهَا من علم أفاضلهم الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ وَأما عذر فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا فِي طلبَهَا مَعَ رِوَايَته لَهَا الحَدِيث فَيحْتَمل أَنه لكَونهَا رَأَتْ أَن خبر الْوَاحِد لَا يخصص الْقُرْآن كَمَا قيل بِهِ فاتضح عذره فِي الْمَنْع وعذرها فِي الطّلب فَلَا يشكل عَلَيْك ذَلِك قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر قلت قد تقدم فِيمَا نَقله الذَّهَبِيّ عَن الزُّهْرِيّ بِرِوَايَة صَالح مولى أم هانىء أَن فَاطِمَة قَالَت لأبي بكر بعد رِوَايَته الحَدِيث لَهَا أَنْت وَرَسُول الله أعلم مَا أَنا بسائلتك بعد مجلسي هَذَا فَهجرَته فَلم تكمله حَتَّى مَاتَت صَرِيح كَمَا ترى فِي أَنَّهَا لم تسأله بعد رِوَايَته الحَدِيث فَلَا حَاجَة إِلَى الِاعْتِذَار عَنهُ بِمَا ذكره وَالله أعلم فَعلم بِمَا ذَكرْنَاهُ إِجْمَاع الصَّحَابَة رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ على حَقِيقَة خلَافَة الصّديق وَأَنه أهل لَهَا وَذَلِكَ كَاف وَلم يرد نَص عَلَيْهَا بل الْإِجْمَاع أقوى من النُّصُوص الَّتِي لم تتواتر لِأَن مفاده قَطْعِيّ وَمفَاده ظَنِّي وَحكى النَّوَوِيّ بأسانيد صَحِيحَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ من قَالَ إِن عليا كَانَ أَحَق بِالْولَايَةِ من أبي بكر فقد خطأ أَبَا بكر وَعمر والمهاجرين وَالْأَنْصَار وَمَا أرَاهُ يرْتَفع لَهُ مَعَ هَذَا عمل إِلَى السَّمَاء وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عمار بن يَاسر نَحوه فَإِن قيل الحَدِيث الأول يدل على أَن سَبَب التَّخَلُّف الألية على أَنه لَا يرتدى رِدَاءَهُ إِلَّا إِلَى الصَّلَاة حَتَّى يجمع الْقرَان وَحَدِيث الْحسن فِي دُعَائِهِ أَبَا بكر يدل على أَن التَّخَلُّف كَانَ لما رَآهُ من أَن لَهُ حَقًا فَكيف يجمع بَينهمَا أم كَيفَ تكون الألية يعْنى الْقسم عذرا فِي التَّخَلُّف عَن الْأَمر الْوَاجِب الْمُتَعَيّن والحنث لأَجله وَاجِب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute