هَذِه التقية المشئومة عَلَيْهِم الَّتِي أفسدوا بهَا غَالب عقائد أهل الْبَيْت النَّبَوِيّ لإظهارهم لَهُم كمالَ الْمحبَّة والتعظيم فمالوا إِلَى تقليدهم حَتَّى قَالَ بَعضهم من أعز الْأَشْيَاء فِي الدُّنْيَا شرِيف سني فَلَقَد عظمت مُصِيبَة أهل الْبَيْت بهؤلاء الفَسَدَة الأراذل وَمَا أحسن مَا أبطل بِهِ الباقر هَذِه التقية المشئومة لما سُئِلَ عَن الشَّيْخَيْنِ فَقَالَ إِنِّي أتولاهما فَقيل لَهُ إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَن ذَلِك مِنْك تقية فَقَالَ إِنَّمَا نَخَاف الْأَحْيَاء لَا نَخَاف الْأَمْوَات فعل الله بِهِشَام بن عبد الْملك كَذَا وَكَذَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره فَانْظُر مَا أبين هَذَا الِاحْتِجَاج وأوضحه فقد صرح لَهُ بِبُطْلَان تِلْكَ التقية المشئومة عَلَيْهِم وَاسْتدلَّ لَهُم على ذَلِك بِأَن اتقاء الشَّيْخَيْنِ بعد مَوْتهمَا لَا وَجه لَهُ إِذْ لَا سطوةَ لَهما حِينَئِذٍ ثمَّ بَين لَهُم بدعائه على هِشَام بن عبد الْملك الَّذِي هُوَ وَالِي زَمَنه وشوكتُه قَائِمَة أَنه إِذْ لم يتقه مَعَ أَنه يُخاًف ويُخشَى لسطوته وَملكه وقوته وقهره فَكيف مَعَ ذَلِك يَتَّقِي الأمواتَ الَّذين لَا شَوْكَة لَهُم وَلَا سطوة
وَإِذا كَانَ هَذَا حالُ الباقر فَمَا ظَنك بِحَال عَليّ الَّذِي هُوَ أعظم إقداماً وشجاعة وشدةَ بَأْس وَكَثْرَة عَدَدٍ وعُدَدٍ وَأَنه لَا يخَاف فِي الله لومة لائم مَعَ ذَلِك فقد صَحَّ بل تَوَاتر عَنهُ مَا مر من مدح الشَّيْخَيْنِ وَالثنَاء عَلَيْهِمَا وأنهما أفضل الْأمة وَمر أَيْضا الأثرُ الصحيحُ عَن مَالك عَن جَعْفَر الصَّادِق عَن أَبِيه الباقر أَن عليا وقف على عمر وَهُوَ مسجى بِثَوْبِهِ فَقَالَ مَا تقدم فَمَا أحْوج عليا أَن يَقُول ذَلِك تقية وَمَا أحْوج الباقر أَن يرويهِ لِابْنِهِ الصَّادِق تقية وَمَا أحْوج الصَّادِق أَن يرويهِ لمَالِك تقية فَكيف يَسَعُ العاقلَ أَن يتْرك مثلَ هَذَا الْإِسْنَاد الصَّحِيح ويحمله على التقية المنقوضِ أساسُها المنكوث أمراسُها وَمَا أحسن مَا سلكه بعض الشِّيعَة المنصفين كَعبد الرَّزَّاق فَإِنَّهُ قَالَ أفضل الشَّيْخَيْنِ بتفضيل عَليّ إيَّاهُمَا على نَفسه وَإِلَّا لما فضلتهما عَلَيْهِ كفى بِي زوراً أَن أحبه ثمَّ أخالفه وَمِمَّا يكذبهم فِي دَعْوَى التقية المشئومة عَلَيْهِم مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ أَن أَبَا سُفْيَان بن حَرْب قَالَ لعَلي بِأَعْلَى صَوته لما بَايع النَّاس أَبَا بكر غَلَبَكُمْ على هَذَا الْأَمر أذلّ بَيت فِي قُرَيْش يَعْنِي قَبيلَة أبي بكر وَهِي تيم فَإِنَّهَا أَضْعَف قَبيلَة فِي قُرَيْش وَإِنَّمَا عزت بِكَوْن أبي بكر وَطَلْحَة مِنْهَا أما وَالله لأَمْلَأَنهَا عَلَيْهِ خيلاً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute