"نَهَى عن عَسْب الفَحل"، فمن عرَّف ابنَ القطَّان أنَّه مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعلُه، والواقعُ أنَّه مبني للفاعِل وهو النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، كما جَرَت العادَةُ أن يحذفوه أحيانًا للعِلم به، ولاسيَّما أهل البَصرة، فإنَّ ذلك معرُوفٌ مِن صنيعِهِم، منصوصٌ عليه في عُلوم الحديث، ويُؤيِّدُهُ وُرُود التَّصريح به - صلى الله عليه وسلم - في غير رواية الدَّارقُطنيِّ. قال الطَّحاوِيُّ في "مُشكِل الآثار": "حدَّثَنا أحمدُ بنُ أبي عمران، ثنا الحَسَنُ بُن مَاسَرجَسَ مَولى ابن المُبارَك (ح) وحدَّثَنا يحيى بُن عُثمان بن صالحٍ، ثنا نُعَيمُ بنُ حمَّادٍ. قالا: حدَّثَنا ابنُ المُبارَك، عن سفيانَ الثَّوريِّ، عن هشامِ بن كُلَيبٍ - كذا قال: ابن كُلَيبٍ -، عن ابن أبي نُعْمٍ، عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ، قال: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - … وَذَكَرَه.
وأخرَجَه أيضًا، عن سُليمانَ بن شُعَيبٍ الكَيْسَانِيِّ، ثنا أبي، ثنا أبو يُوسُف، عن عطاء بن السَّائب، عن ابن أبي نُعْمٍ، عن بعض أصحاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه نَهَى عن عَسْب التَّيْسِ، وكَسبِ الحجَّام، وقَفِيزِ الطَّحَّان. وهذا الطَّريقُ يُبرِّئُ أيضًا ساحة هشام بن كُليبٍ منه" انتهَى.
• قلتُ: كذا قال! وقد سَبَقَ ابنَ القطَّان إلى هذا: البَيهَقِيُّ، فقال في "سُنَنِه" عقب ذِكر الحديث مِن طريق وكيعٍ، وعُبيد الله بن موسَى، عن الثَّوريِّ، بلفظ:"نُهي"، قال:"ورواه ابنُ المُبارَك، عن سُفيان، كما رواه عُبيدُ الله: "نُهِي". وكذلك قاله إسحاقُ الحَنظَليُّ، عن وكيعٍ: "نُهِي عن عَسْب الفَحل". ورواه عطاءُ بنُ السَّائب، عن عبد الرَّحمن بن أبي نُعمٍ، قال: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - … فذَكَرَه" انتهَى.
أمَّا ما نَقَله الغُماريُّ من "المُشكِل"(١/ ٣٠٧) من الطَّبعَة القديمة،