وطاعةً، ازداد عند الله رِفعةً، وعليه كرامةً، وإليه قُرْبةً"، هذا معنى جواب المُزَنِيِّ" انتهَى.
وقال البَزَّارُ:"يُحتمَل معناه عندي، واللهُ أعلَمُ، أن تُضَيَّق عليه، فلا يدخُلُها، جزاءً لصومِه. ويُحتمَل أيضًا، إذا صام الأيَّام التي نهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن صومها، فتعمَّد مُخالَفةَ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -، أن يَكُون ذلك عقوبةً، لمُخالَفة رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -" انتهَى.
ونَقَل الحافظُ في "الفتح"(٤/ ٢٢٣) كلام ابنِ خُزَيمة، ثُمَّ قال:"ورَجَّح هذا التَّأويلَ جماعةٌ، منهم الغَزَالِيُّ، فقالوا: له مناسبةٌ، مِن جِهة أنَّ الصَّائم لمَّا ضَيَّق على نفسه مَسَالِكَ الشَّهَوات بالصَّوم، ضَيَّق الله عليه النَّار، فلا يَبقَى لَهُ فيها مكانٌ؛ لأنَّهُ ضَيَّق طُرُقَها بالعبادة. وتُعُقِّب: ليس كُلُّ عملٍ صالحٍ، إذا ازداد العبدُ منه، ازداد من الله تَقَرُّبًا، بل رُبَّ عَمَلٍ صالحٍ، إذا ازداد منه، ازداد بُعدًا، كالصَّلاة في الأوقات المكروهة. والأَوْلَى إِجرَاءُ الحديث على ظاهرِه، وحَملُه على من فوَّت حقًّا واجبًا بذلك، فإنَّهُ يتوجَّه إليه الوعيدُ، ولا، يُخالِفُ القاعدةَ التي أشار إليها المُزَنِيُّ" ا. هـ.
• قلتُ: وهذا جوابٌ بديعٌ من الحافظ - رحمه الله -، وما أمرُ الخوارج عنك ببعيدٍ، فقد اتَّفَق كُلُّ من نَقَل أخبارَهم على أنَّهُم كانوا مِن أعبد النَّاس، حتَّى كُنتَ ترى سِيمَا الصَّلاة في وجه الواحد مِنهُم كرُكبة العَنزِ، مع فرط تألُّهِهِم، وتجافيهم عن الدُّنيا، ومع ذلك قال فيهم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَقرَؤُون القُرآن، لا يُجاوِز تراقِيهِم، يَخرُجون من الدِّيْن كما يَخرُج السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ،