للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن عبد الجبَّار السَّمَرقَندِيَّ، يقولُ: جاء مُحمَّدُ بن إسماعيل إلى خَرْتَنْكَ - وهي قريةٌ على فَرسَخين من سمرقند -، وكان له جها أقرِباءُ، فنَزَل عِندَهم، فسمعتُهُ ليلةً يدعُو، وقد فَرَغ من صلاة اللَّيل: "اللَّهمَّ! إنَّه ضاقت عليَّ الأرضُ بما رَحُبَت، فاقبِضنِي إليك"، فما تمَّ الشَّهرُ حتَّى مات.

وقد جَعَل جماعةُ العُلماء حديثَ النَّهي عن تمنِّي الموت خاصًّا بالمصائب التي يُبتَلى العبدُ بها في الدُّنيا، أمَّا إذا خَشِي ذَهَاب دينِه، فيُشرَع له أن يَدعُو بالموت.

وقد عَقَد البُخاريُّ في "كتاب الفِتَن" (١٣/ ٧٤ - ٧٥) بابًا لذلك، فقال: "باب: لا تَقُوم السَّاعة حتى يُغبَط أهلُ القُبُور"، ثُمَّ رَوَى فيه حديث أبي هُريرَة مرفُوعًا: "لا تَقُوم السَّاعة حتَّى يمُرَّ الرَّجلُ بقبر الرَّجل، فيقول: يا لَيتَنِي مكانَك"، وهذا الحديث أَخرَجَه مُسلِمٌ أيضًا.

وقال ابنُ عبد البَرِّ: "ظنَّ بعضُهم أنَّ حديث أبي هُريرَة مُعارِضٌ للنَّهي عن تَمَنِّي الموت، وليس كذلك، إنَّما في حديث أبي هُريرَة أنَّ هذا سَيكُون لشدَّةٍ تَنزِلُ بالنَّاس، من فساد الحال في الدِّين، أو ضعفِه، أو خَوف ذهابه، لا لضَرَرٍ يَنزِل بالجسم، كما قال الحافظُ"، وكذلك أجاب القُرطُبِيُّ وغيرُهُ.

وقد أُثِر عن جماعةٍ من السَّلَف أنَّهُم تَمَنَّوا الموتَ خوفَ الفِتنَة في الدِّين، وأنا أَذكُر ما يَحضُرُني من ذلك.

وقد وَرَد هذا المعنى في حديث ابن عبَّاسٍ مرفُوعًا: ". . . وإذا أردتَ بعبادك فتنةً فاقبضني إليك غيرَ مفتُونٍ".

أخرَجَهُ أحمدُ (١/ ٣٦٨)، والتِّرمِذيُّ (٣٢٣٣)، وعبدُ الرَّزَّاق في