للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الخطَّابِيُّ في "مَعالِم السُّنَن" (١/ ٢٦٥ - ٢٦٦):

"هذا الحديثُ لا يقُولُ به أكثرُ الفُقهاء. وإسنادُهُ جيِّد، إلَّا ما تُكلَّم فيه مِن أمر حبيبٍ، وكان ابنُ المُنذِر يقولُ ويَحكيه عن غير واحدٍ من أصحاب الحديث. وسمعتُ أبا بكرٍ القَفَّالَ يحكيه عن أبي إسحاق المَروَزِيِّ. قال ابنُ المُنذِرِ: ولا مَعنَى فيه لحَمل الأمر فيه على عُذرٍ من الأعذار؛ لأنَّ ابنَ عبَّاسٍ قد أَخبَرَ بالعِلَّة فيه، وهو قولُهُ: "أراد أن لا يُحرِج أمَّتَهُ". وحَكَى عن ابن سِيرينَ أنَّه كان لا يَرَى بأسًا أن يَجمَعَ بين الصَّلاتَين إذا كانت حاجةٌ أو شيءٌ ما لم يُتَّخَذ عادَةً. قلتُ: وتأوَّلَهُ بعضُهم على أن يكون ذلك في حال المَرَض، قال: وذلك لما فيه من إرفاق المَريضِ ودَفعِ المَشَقَّة عنه، فَحَملُهُ على ذلك أولَى من صَرفِهِ إلى مَن لا عُذر له ولا مَشقَّة عليه من الصَّحيحِ البَدَنِ المُنقَطِعِ العُذرِ. وقد اختَلَف النَّاسُ في ذلك، فرخَّص عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ للمَريض في الجَمع بين الصَّلاتَين، وهو قولُ مالكٍ وأحمدَ بن حنبلٍ. وقال أصحابُ الرَّأي: يجمَعُ المَريضُ بين الصَّلاتَين، إلَّا أنَّهم أباحُوا ذلك على شَرطِهِم في جَمع المُسافِر بينهما. ومَنَع الشَّافِعِيُّ من ذلك في الحَضر إلَّا للمَمطُور" انتهَى.

• قلتُ: والصَّحيحُ الذي يُوافِقُ أصُولَ الشَّريعة هو ما ذَهَب إليه ابنُ سِيرِينَ، أن الجَمع جائزٌ للحاجَة، ما لم يَتَّخِذ ذلك عادةً له، وليس مُقيَّدًا بعُذرٍ من الأعذار؛ إذ أعذارُ النَّاس كثيرةٌ ويَعسُرُ ضبطُها، فإذا لم يَجِد أمامه خيارًا: إمَّا أن يُضيِّع وقتَ الصَّلاة أو يَجمَع، فالجَمعُ أولَى بلا شكٍّ.