للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلو افتَرَضنا أن طبيبًا سيُجري جراحَةً لمريضٍ من بعد صلاة الظُّهر إلى ما قبل مُنتَصَف اللَّيل، فماذا يفعلُ هذا الطَّبيبُ؟ أيُضيِّعُ صلاتي الظُّهر والعَصر أم يَجمعهُما؟ ولا أتصوَّرُ قائلًا يمنعُ الجَمع هنا. والله المُوَفِّقُ.

* الثَّالث: أنَّ الغُمارِيَّ زَعَمَ أن العُقيليَّ قال: إنَّ الحديث موضوعٌ، وعبارَتُهُ - أعني الغُماريَّ -: "فهو حُكمٌ مِن كبار الحُفَّاظ، إمَّا بصِحَّتِهِ أو بضَعفِهِ، لا بِوَضعِهِ الذي انفَرَد به العُقَيليُّ وتَبِعَهُ ابنُ الجَوزِيِّ"، فهل قول العُقيليِّ: "لا أصل له" معناه أنَّه موضوعٌ؟ ومَن سبقَ الغُمارِيَّ إلى هذا الفَهم من أهل العِلم؟ ثُمَّ من صَحَّحَهُ من كبار الحُفَّاظ باستثناء الحاكم؟

* الرَّابع: أن قولَ التِّرمذِيِّ: "والعَمَلُ على هذا عند أهل العِلم" هو نفسُهُ قولُ ابن عبد البَرِّ المُتقدِّم: "هذا الحديثُ، وإن كان فيه مَن لا يُحتَجُّ بمِثِلِه، فإنَّ معناه صحيحٌ من وُجوهٍ" ..

فمَعنَى قولهِما: إنَّ الحديثَ، وإن لم يَصِحّ لفظًا، فقد صحَّ معنًى لظواهر ومعاني نصوصٍ أُخرى، وليس بشرطٍ أن يأتي دليلٌ خاصٌّ لكلِّ حُكمٍ جُزئِيٍّ. وهذا كثيرٌ في كلامِهِم، خُصُوصًا من تَعانَى الفقهَ منهم. والله أعلم.

أمَّا هذا القولُ فقد صحَّ عن أمير المُؤمنين عُمرَ بن الخَطَّاب - رضي الله عنه - ..

فأخرَجَهُ عبدُ الرَّزَّاق في "المُصنَّف" (ج ٢/ رقم ٤٤٢٢) عن مَعمَرٍ، عن أيُّوبَ، عن قَتادَةَ، عن أبي العالِية، أن عُمر كَتَب إلى مُوسَى: "واعلَم! أنَّ جَمعًا بين الصَّلاتَين من الكَبائر، إلَّا مِن عُذرٍ".