للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على نُسخَةٍ مخطُوطَةٍ منه، قريبةٍ مِن زَمَنِ المُؤلِّف، ولعلَّهُ الحافظُ ابنُ المُلَقِّن.

إذا تَقَرَّرَ هذا، فالحَدِيثُ الذي أَورَدنَاهُ ليس بأقلَّ شأنًا مِنَ الأحاديثِ التي احتَجَّ بها الأَئِمَّةُ، وهي ضعيفةٌ. بل لعلَّهُ أَحسَنُ حالًا من كثيرٍ منها؛ لأنَّ ضَعفَهُ خفيفٌ، ولأنَّه مُؤَيَّدٌ بالأدلَّةِ التي أَورَدنَاهَا قَبلَهُ، إذ قد تَضَافَرَت كُلُّها على تحريم الاستمناء" انتهَى كلامُهُ.

• قُلتُ: وهذا الكلامُ فيه حقٌّ وباطلٌ، وبيانُ ما فيه من الخَبْط يحتاجُ إلى مصنَّفٍ مستقِلٍّ، فاكتَفي في هذه العُجالةِ بذِكر بعض النُّكَت المتعَلِّقَة بكلامهما معًا.

وقولُهُ: إنَّ العُلماءَ خالَفُوا ما أصَّلوُهُ في كتُبهِم من أنَّهم لا يحتجُّونَ بالضَّعيفِ من الحديث في الأحكام، وأنَّهم عَمَليًّا خَالَفوا ذلك، فلا يكادُ يمرُّ بابٌ من الفقه إلَّا وتَجدُهُم يحتجُّون بالضَّعيف.

فأقولُ: إنْ قَصَدَ متأخِّري الفُقَهاءِ، فهذا حقٌّ؛ فإنَّ كثيرًا منهم لا عنايةَ لهُ بالحَديث، ورُبَّما وَجَدتَ بعضَهُم ألَّفَ في علومِ الحديث مؤلَّفاتٍ، ومع ذلك فهو عاجزٌ عن معرفَة الصَّحيح من غيرِهِ؛ لأنَّ مثل هذا يحتاجُ إلى دِربةٍ وزمانٍ طويلٍ يَهدِي صاحبَهُ إلى ذَوق المُحدِّثين.

وأكثرُ المتأخِّرين من الفُقهاء لم يَلتَفِت إلى ذلك، فكَم من أحاديثَ اتَّفَق أهلُ الحديث على نَكارَتِها، انتزَعَ الفُقهاءُ منها حَلالًا وحَرامًا، وخَصَّصُوا بها الأحاديثَ الصَّحيحةَ، وقيَّدُوا مُطلَقَها، وادَّعَوا نَسخَها، ومَن طالع كُتبَ الفقهِ المُطوَّلَةَ في سائر المذاهب عَلِمَ ذلك.

وقَد وُفِّق الإمامُ الخَطَّابيُّ - رحمه الله - في شرح هذه المِحنَةِ أيَّمَا توفيقٍ، فقال في