للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المَذكُورَ لا خِلافَ فيه عند العُلَماء. وليس كذلك، بل فيه خلافٌ معرُوفٌ، كما هو مبسُوطٌ في كُتب مُصطَلَحِ الحديث، مثلِ "قواعد التَّحديث" للعلَّامة الشَّيخ جمالِ الدِّين القَاسِمِي رَحِمَهُ اللهُ، فقد حَكَى فيه (ص: ١١٣) عن جماعةٍ من الأَئِمَّة أنَّهم لا يَرَونَ العَمَلَ بالحديثِ الضَّعيفِ مُطلقًا كابنِ مَعِينٍ، والبُخارِيِّ، ومُسلِمٍ، وأبي بَكرٍ بن العَرَبِيِّ الفقيهِ، وغيرِهم. ومِنهُم ابنُ حَزمٍ، فقال في "المِلَل والنِّحَل": "ما نَقَلَ أهلُ المَشرِقِ والمَغرِبِ، أو كافَّةٌ عن كافَّةٍ، أو ثِقَةٌ عن ثِقَةٍ، حتَّى يَبلُغ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، إلَّا أن في الطَّريق رَجُلًا مجرُوحًا بكَذِبٍ، أو غَفلَةٍ، أو مجهُولَ الحالِ، فهذا يقُولُ به بعضُ المُسلِمِين، ولا يحلَّ عِندَنَا القَولُ به ولا تَصدِيقُهُ، ولا الأَخذُ بشيءٍ منه".

قُلتُ: وقال الحافظُ ابنُ رَجَبٍ الحَنبَليُّ في "شرح التِّرمذِيِّ" (ق ١١٢/ ٢): "وظاهرُ ما ذَكَرَه مُسلِمٌ في مُقدِّمَة كتابه - يعني: "الصَّحيحَ" يقتَضِى أنَّهُ لا تُروَى أحاديثُ التَّرغيب والتَّرهيبِ، إلَّا عمَّن تُروَى عنه الأحكَامُ".

قُلتُ: وهذا الذي أَدِينُ به، وأَدعُو النَّاسَ إليه، أن الحديثَ الضَّعيفَ لا يُعمَلُ به مُطلَقًا، لا في الفَضَائِل والمُستَحَبَّاتِ، ولا في غَيرِهما؛ ذلك لأنَّ الحديثَ الضَّعيفَ إنَّما يُفِيدُ الظَّنَّ المَرجُوحَ بلا خلافٍ أعرفُهُ بينَ العُلَماء، وإذا كان كذلك، فَكيف يُقالُ بجوازِ العَمَل به، واللهُ عَزَّ وَجَلَّ قد ذمَّهُ في غَيرِ ما آيةٍ من كتابِهِ، فقال تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦]، وقال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: ٢٨]. وقال رسُولُ الله