للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيُقابِل المادَّةَ السُّمِّيَّةَ بالمادَّة النَّافِعة، فيزُولُ ضَرَرُها. وهذا طِبٌّ لا يَهتَدِي إليه كِبارُ الأطبَّاء وأئِمَّتُهم، بل هو خارجٌ من مِشكاة النُّبُوَّة. ومع هذا، فالطَّبيبُ العالِمُ العارِفُ الموفَّقُ، يخضَعُ لهذا العِلاج، ويُقِرُّ لمن جاء به بأنَّهُ أَكمَلُ الخَلق على الإطلاق، وأنَّهُ مؤيَّدٌ بوحيٍ إلهيٍّ خارجٍ عن القُوَى البشِريَّةِ".

وأقُولُ - في شأن الطِّبِّ الحديث -: إنَّ النَّاس كانُوا ولا يزالون تقذر أنفُسُهم الذُّبابَ، وتنفرُ بما وَقَع فيه من طعامٍ أو شَرابٍ، ولا يكادُون يرضَونَ قُربانَه. وفي هذا من الإِسرافِ - إذا غلا النَّاسُ فيه - شيءٌ كثيرٌ. ولا يزالُ الذُّبابُ يُلِحُّ على النَّاس في طعامهم وشرابهم، وفي نَومِهمْ ويَقظَتِهم، وفي شَأنِهِم كلِّه. وقد كَشَف الأطبَّاءُ والباحِثُون عن المِكرُوبات الضَّارَّة والنَّافِعة، وغَلَوا غُلُوًّا شديدًا في بَيَان ما يَحمِلُه الذُّبابُ من مِكرُوباتٍ ضارَّةٍ، حتى لقد كادُوا يُفسِدُوا على النَّاس حياتَهم لو أطاعُوهُم طاعةً حرفيَّةً تامَّةً. وإنَّا لَنرَى بالعَيان أنَّ أكثَرَ النَّاس تأكُلُ ممَّا سقط عليه الذُّبابُ وتشرَبُ، فلا يُصِيبُهُم شيءٌ إلَّا في القليل النَّادِر. ومَن كابَر في هذا فإنَّما يَخدَعُ النَّاس ويَخدَع نَفسَه. وإئا لَنرَى أيضًا أنَّ ضَرَر الذُّبَاب شديدٌ حين يَقَعُ الوباءُ العَامُّ، لا يُمارِي في ذلك أحدٌ. فهناك إذن حالان ظَاهِرَتان، بينَهُما فرُوقٌ كبيرةٌ. أمَّا حالُ الوَبَاء، فممَّا لا شك فيه أنَّ الاحتِيَاط فيها يَدعُو إلى التَّحرُّز من الذُّباب وأَضرابِهِ ممَّا يَنقُل المِكرُوبَ أشدَّ التَّحرُّزِ. وأمَّا إذا عُدم الوَبَاء، وكانت الحياةُ تَجرِي على سَنَنِها فلا معنى لهذا التَّحرُّزِ. والمُشاهَدة تَنفِي ما غَلَا فيه الغُلاةُ من