للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لَبيد:

غُبْسٌ كواسبُ لا يُمَنُّ طعامُها

[أي: لا يُنْقَص] . ومَنَنْتُ النّاقةَ، أي: حَسَرْتُها. لَئلا يُجْمعَ بين ساكَنيْنِ، وإنَّما وُلِّد الإدغامُ في الكلام لأنَّهم كَرِهوا أنْ يُحرِّكوا اللسانَ بحَرْفيْن من مخرجٍ واحدٍ. فإذا ثَنَّيْتَ قُلْتَ رُدَّا، فأدْغَمْت، لأنَّ اللامَ قَدْ تحرَّكَتْ، وضَمَمْتَ الفاءَ، وكانت ساكنةً لأنَّ العيْنَ لما سَكَنَتْ للإدغام حَرَّكتَ الفاء بحركةِ العَيْن لئلا يَجْتَمِعَ ساكنان، فسقَطَت الألفُ لذلك، لأنَّها إنما كانت اجتلُبَتْ لأنَّ الفاء كانت ساكنةً، فلم يُمكن الابتداءُ بها، فلما تَحرّكَت الفاءُ لتلك الصِّلةِ استُغْني عن الألفِ. وكذلك أمرُ الجميعِ والمؤنَّثِ، فإذا صِرْتَ إلى أمرِ جميعِ المؤنَّثِ أظهرتَ التَّضعيف لسكون اللامِ. وهذا أصلُ المضاعَفِ في ماضِيه ومستقبلهِ وكُلِّ شَيْءٍ منه. ثم تقول في مَوضِعٍ ارْدُدْ: رُدَّ. وإنما جاز ذلك مع سكونِ اللام بناءً على التَّثْنيةِ لأنَّه لا فرقَ بين بناءِ الواحدِ والاثْنيْن في الصُّورة إلا حَذْف الألفِ وإثباتها. فلمّا قيلَ ذلك في الأمر قيل مِثله النَّهْي، وفي: "لمْ يفعلْ" بناءً على تَثْنِيتهما. والعلَّةُ الثّانيةُ في إدغام أمرِ الواحدِ أنَّهُ بُني على يَرُدُّ مُدغماً. والإظهارُ لغةُ أهلِ الحجازِ، قال الله عز وجل: (واغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ (، قال الدُّؤَلي:

أُعْدُدْ من الرَّحْمنِ فضلاً ونعمةً ... عليكَ إذا ما جاء للخيْرِ طالبُ

والإدْغام لغةُ أهل نَجْدٍ، قال جَرير:

<<  <  ج: ص:  >  >>