وهذا الباب ليس من دعائم الأبوابِ؛ لأنه لا يصحُّ إلا أنْ يكونَ موضعُ العينِ منه أو اللامِ أحدَ حروفِ الحلقِ، وهي: العينُ، والغينُ، والحاءُ، والخاءُ، والهاءُ، والهمزةُ. وذلك أنّ هذه الحروفَ متسفَّلةُ المخارج، فشابوا ٍمنها بشيء من التصعُّد؛ ليعتدلَ الكلامُ.
وهذا البابُ في الأصلِ إنما هو على يفعل أو يفعل، فلما لحقتْ هذه العلةُ ردَّ إلى الفتح. تعتبر ذلك بأنّ القطلَ والقطعَ واحدٌ في المعنى وفي اللفظِ، إلا في موضعِ اللامِ. وبناءُ الفعلِ على وجهتينِ؛ على المعنى وعلى اللفظِ، فلما وقع في موضع اللامِ حرفٌ متسفِّل فتحَ. ومثله قولهمْ: قبنَ في الأرضِ يقبنُ، وقبع يقبعُ. وربّما جاءَ الحرفُ الأصلِ، مثل: رَجَعَ يرجعُ وصلَحَ يصلُحُ. ومما جاءَ شاذاً قولهم: أبى يأبى. وقال بعضهم قلى يقلى في البغضِ، لغةٌ في قلى يقلى. وطيء تخالف العربَ، فتقولُ: فنى يفنى، وبقى يبقى، قال زهير على لغتهم:
تربَّع صارةً حتّى إذا ما ... فنى الدُّحلانُ عنه والإضاءُ
والأضاءِ فيه قولان، يقال: هو جمع الجمع: أضاة وأضى وإضاء. ويقال: هو جمعٌ مقصورٌ، فمدَّهُ الشاعرُ ضرورةً، فهو على هذا الوجه مفتوحُ الهمزة، وعلى الوجه الأوّل مكسورها.