واصْطَحَب القَوْمُ: إذا صَحِبَ بعضُهم بعضاً، وهذا افْتِعال، وأصْلُه اصْتِحاب، إلا أنَّ تاءَ الافْتِعال تصيرُ طاءً عند الصاد، وذلك أن التَّاءَ لأنَ مخرجُها، فلم توافِق الصَّادَ لِشدَّةِ مخْرَجِها؛ فأبْدلَتْ طاءً لأنَّ الطّاءَ شديدةُ المخرج فاتّفقَنا، وكان ذلك أعْذَبَ في اللَّفظِ وأخفَّ على اللسان.
والعربُ تميلُ عن الَّذي يلزم كلامها الجَفاءَ إلى ما يُلين حواشِيه ويُرقُّها. وقد نزَّهَ الله تعالى لسانَها عمّا يُجْفيهِ، فلم يَجْعَل في مباني كلامها جيماً تُجاورُها قافٌ متَّقدِّمةً ولا مُتَأخِّرةً، أو تُجامِعُها في كلمة، أو صادٌ أو كافٌ إلا ما كان أعجميّاً أعْرَب، كما قال النابِغَةُ.
وذلك لجسْأةِ هذا اللَّفظِ ومُباينتِه ما أسَّس الله تعالى عليه كلامَ العرَبِ من الرَّونَقِ والعُذوبةِ.
وهذهِ علَّةُ أبوابِ الإدغامِ، وإدْخالِ بعضِ الحروفِ في بعضٍ، وإبْدال بَعْضِها مِن بَعضٍ. وكذلك الأمثلةُ والموازينُ اخْتبر منها ما فيه طيبُ اللفْظِ به. وأهمِلَ منها ما يَجْفو اللَّسانُ عن النُّطق به إلا مُكْرَها، كالحَرْفَ الذي يُبتدأ لا يكونُ إلا مُتحرِّكاً، والشَّيءُ الذي تَتَوالى فيه حركاتٌ أربع أو نحو ذلك فَيَسكُنُ بعضُها.
وللصّادِ أخواتٌ تتغَيَّرُ تاءُ الافتعالِ عِنْدهُنَّ، وهُنَّ الدّالُ والذَّالُ والضَّادُ والطَّاءُ والظَّاءُ والزّايُ، وهُنَّ في الصَّلابةِ والإشْباعِ مثل الصّادِ.
ويُقالُ: الضفَّادعُ تَصطخِبُ من الصَّخَبِ، وهو الصَّوتُ. ويُقالُ اصِطَلبَ الرَّجُلُ: إذا جَمَع العِظامَ