أَرَادَ بِهِ الصَّدْرَ وَالسَّاقَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِطَرِيقِ التَّنُّورِ فَتَتَكَامَلُ بِحَلْقِ كُلِّهِ وَتَتَقَاصَرُ عِنْدَ حَلْقِ بَعْضِهِ (وَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ فَعَلَيْهِ) طَعَامٌ (حُكُومَةُ عَدْلٍ) وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ أَنَّ هَذَا الْمَأْخُوذَ كَمْ يَكُونُ مِنْ رُبُعِ اللِّحْيَةِ
لِأَنَّ الرِّوَايَةَ مَحْفُوظَةٌ عَنْهُمَا. وَقَوْلُهُ: (أَرَادَ بِهِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ عُضْوًا (الصَّدْرَ وَالسَّاقَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) مِثْلَ الْفَخِذِ وَالْعَضُدِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْجِنَايَةُ بِالْحَلْقِ إنَّمَا تَتَكَامَلُ إذَا كَانَ الْعُضْوُ مَقْصُودًا بِالْحَلْقِ وَمَا ذَكَرْتُمْ لَيْسَ كَذَلِكَ. قُلْت: هَذَا الَّذِي ذَكَرْت هُوَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ. قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ حَلْقَ الرَّأْسِ: ثُمَّ الْأَصْلُ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ مَتَى حَلَقَ عُضْوًا مَقْصُودًا بِالْحَلْقِ مِنْ بَدَنِهِ قَبْلَ أَوَانِ التَّحَلُّلِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ حَلَقَ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ؛ ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ حَلْقُ شَعْرِ الصَّدْرِ وَالسَّاقِ، وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ مَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالتَّنُّورِ: أَيْ: إزَالَتُهُ بِالنُّورَةِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالنَّتْفِ وَالتَّنُّورِ فَكَانَتْ الْجِنَايَةُ بِحَلْقِ كُلِّهِ كَامِلَةً وَبِحَلْقِ بَعْضِهِ قَاصِرَةً. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ) ظَاهِرٌ. وَقِيلَ الشَّارِبُ عُضْوٌ مَقْصُودٌ بِالْحَلْقِ، فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ بَعْضِ النَّاسِ حَلْقَ الشَّارِبِ دُونَ اللِّحْيَةِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ تَكَامُلَ الْجِنَايَةِ بِحَلْقِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute