للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْخِيَارُ إلَى الْقَاتِلِ فِي أَنْ يَجْعَلَهُ هَدْيًا أَوْ طَعَامًا أَوْ صَوْمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: الْخِيَارُ إلَى الْحَكَمَيْنِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ حَكَمَا بِالْهَدْيِ يَجِبُ النَّظِيرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ حَكَمَا بِالطَّعَامِ أَوْ بِالصِّيَامِ فَعَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ. لَهُمَا أَنَّ التَّخْيِيرَ شُرِعَ رِفْقًا بِمَنْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ إلَيْهِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَلِمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ قَوْله تَعَالَى ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا﴾ الْآيَةَ، ذُكِرَ الْهَدْيُ مَنْصُوبًا

هَذِهِ النَّظَائِرَ لَمْ يَكُنْ بِاعْتِبَارِ أَعْيَانِهَا إذْ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الضَّبُعِ وَالشَّاةِ خِلْقَةً، وَإِنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ التَّقْدِيرِ بِالْقِيمَةِ، إلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَابَ الْمَوَاشِي فَكَانَ الْأَدَاءُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا أَيْسَرَ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ عَلِيٍّ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ: يُفَكُّ الْغُلَامُ بِالْغُلَامِ وَالْجَارِيَةُ بِالْجَارِيَةِ وَالْمُرَادُ الْقِيمَةُ.

قَالَ (ثُمَّ الْخِيَارُ إلَى الْقَاتِلِ) يَعْنِي إذَا ظَهَرَ قِيمَةُ الصَّيْدِ بِحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ وَهِيَ تَبْلُغُ هَدْيًا، فَالْخِيَارُ (فِي أَنْ يَجْعَلَهُ هَدْيًا أَوْ طَعَامًا أَوْ صَوْمًا) إلَى الْقَاتِلِ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: الْخِيَارُ إلَى الْحَكَمَيْنِ) فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَشْيَاءِ، (فَإِنْ حَكَمَا بِالْهَدْيِ يَجِبُ النَّظِيرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ حَكَمَا بِالطَّعَامِ أَوْ الصِّيَامِ فَعَلَى مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ) يَعْنِي مِنْ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (لَهُمَا) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (أَنَّ التَّخْيِيرَ شُرِعَ رِفْقًا بِمَنْ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ الْخِيَارُ إلَيْهِ) لِيَرْتَفِقَ بِمَا يَخْتَارُ (كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَلِمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ قَوْله تَعَالَى ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا﴾ الْآيَةَ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ (ذَكَرَ الْهَدْيَ مَنْصُوبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>