للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَى لِإِيجَابِ بَدَلِ الْعِصْمَةِ وَالسُّكْنَى.

(وَإِنْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْحَوْلَانِ تَدَاخَلَتْ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَمَنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ خَرَاجُ رَأْسِهِ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ وَجَاءَتْ سَنَةٌ أُخْرَى لَمْ يُؤْخَذْ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (وَإِنْ مَاتَ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ) أَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهَا. وَقِيلَ خَرَاجُ الْأَرْضِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَقِيلَ لَا تَدَاخُلَ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ. لَهُمَا فِي الْخِلَافِيَّةِ أَنَّ الْخَرَاجَ وَجَبَ عِوَضًا، وَالْأَعْوَاضُ إذَا اجْتَمَعَتْ وَأَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهَا تُسْتَوْفَى، وَقَدْ أَمْكَنَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بَعْدَ تَوَالِي السِّنِينَ،

التَّأْقِيتُ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ يُبْطِلُهَا، وَحَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّأْقِيتُ فِي السُّكْنَى دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا عَنْ الْعِصْمَةِ وَالسُّكْنَى فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا عَنْ النُّصْرَةِ أَيْضًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ اسْتَعَانَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَاتَلُوا مَعَهُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ جِزْيَةُ تِلْكَ السَّنَةِ، فَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْهَا لَسَقَطَتْ لِأَنَّهُ قَدْ نُصِرَ بِنَفْسِهِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهَا إنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ تَغْيِيرُ الْمَشْرُوعِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ طَرِيقَ النُّصْرَةِ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ الْمَالَ دُونَ النَّفْسِ.

قَالَ (فَإِنْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْحَوْلَانِ) أَنَّثَ فِعْلَ الْحَوْلَيْنِ، إمَّا بِاعْتِبَارِ حَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ اجْتَمَعَتْ جِزْيَةُ الْحَوْلَيْنِ، وَإِمَّا بِتَأْوِيلِ السَّنَتَيْنِ، وَأَتَى بِعِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِتَفْصِيلٍ فِي اللَّفْظِ وَلِإِبْهَامٍ فِي قَوْلِهِ وَجَاءَتْ سَنَةٌ أُخْرَى عَلَى مَا بَيَّنَهُ، وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ (وَقِيلَ لَا تَدَاخُلَ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ) يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخَرَاجَ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ مُؤْنَةٌ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إلَى مَعْنَى الْعُقُوبَةِ، وَلِهَذَا إذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ فَجَازَ أَنْ لَا يَتَدَاخَلَ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهَا عُقُوبَةٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً وَلِهَذَا لَمْ تُشْرَعْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَصْلًا وَالْعُقُوبَاتُ تَتَدَاخَلُ. وَقَوْلُهُ (لَهُمَا فِي الْخِلَافِيَّةِ) أَيْ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْحَوْلَانِ (أَنَّ الْخَرَاجَ وَجَبَ عِوَضًا) عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَكُلُّ مَا وَجَبَ عِوَضًا إذَا اجْتَمَعَ وَأَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ يُسْتَوْفَى كَمَا فِي سَائِرِ الْأَعْوَاضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>