للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ وَقَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ فِيهِ.

قَالَ (وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ، وَلِأَنَّهُ سَقَطَ الْحُضُورُ عَنْ الْأَصِيلِ فَيَسْقُطُ الْإِحْضَارُ عَنْ الْكَفِيلِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ وَمَالُهُ لَا يَصْلُحُ لِإِيفَاءِ هَذَا الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ.

وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَارِثِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ

الْغَلَبَةُ لِأَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْقُضَاةُ لَا يَرْغَبُونَ إلَى الرِّشْوَةِ، وَعَامِلُ كُلِّ مِصْرٍ مُنْقَادٌ لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ فَلَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ أَوْ فِي مِصْرٍ آخَرَ، ثُمَّ تَغَيَّرَ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَظَهَرَ الْفَسَادُ وَالْمَيْلُ مِنْ الْقُضَاةِ إلَى أَخْذِ الرِّشْوَةِ، فَقَيَّدَ التَّسْلِيمَ بِالْمِصْرِ الَّذِي كَفَلَ لَهُ فِيهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الطَّالِبِ.

وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ، فَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الطَّالِبَ بَرِئَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ لَمْ يَبْرَأْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُحَاكَمَةِ فِيهِ. وَذَكَرَ فِي الْوَاقِعَاتِ: رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْكَفِيلُ لَا يُحْبَسُ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ، وَلَوْ كَفَلَ بِهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ ثُمَّ حُبِسَ حُبِسَ الْكَفِيلُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَالُ مَا كَفَلَ قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ.

قَالَ (وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ) بَقَاءُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بِبَقَاءِ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ بِهِ وَمَوْتُهُمَا أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا مُسْقِطٌ لَهَا، أَمَّا إذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فَلِأَنَّ الْكَفِيلَ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ وَلِأَنَّهُ سَقَطَ الْحُضُورُ عَنْ الْأَصِيلِ فَيَسْقُطُ الْإِحْضَارُ عَنْ الْكَفِيلِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ فَلِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ تَسَلُّمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ لَا مَحَالَةَ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِيُؤَدِّ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ، أَجَابَ بِأَنَّ مَالَهُ لَا يَصْلُحُ لِإِيفَاءِ هَذَا الْوَاجِبِ وَهُوَ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>