للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَيِّتِ.

قَالَ (وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ آخَرَ وَلَمْ يَقُلْ إذَا دَفَعْت إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بَرِيءٌ) لِأَنَّهُ مُوجِبُ التَّصَرُّفِ فَيَثْبُتُ بِدُونِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ التَّسْلِيمَ كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ صَحَّ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْخُصُومَةِ فَكَانَ لَهُ وِلَايَةُ الدَّفْعِ،

لَا أَصَالَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمَالَ، وَلَا نِيَابَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَنُوبُ عَنْ النَّفْسِ، بِخِلَافِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ يَصْلُحُ نَائِبًا، إذْ الْمَقْصُودُ إيفَاءُ حَقُّ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْمَالِ وَمَالُ الْكَفِيلِ صَالِحٌ لِذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ ثُمَّ تَرْجِعُ وَرَثَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ. وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ إنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِقِيَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَقَامَ الْمَيِّتِ.

قَالَ (وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ آخَرَ إلَخْ) وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ آخَرَ بِالْإِضَافَةِ وَلَمْ يَقُلْ فَإِذَا دَفَعْت إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ يَعْنِي الْبَرَاءَةَ وَذَكَرَهُ لِتَذْكِيرِ الْخَبَرِ وَهُوَ الْمُوجِبُ، وَمَعْنَاهُ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ مُوجِبُهَا الْبَرَاءَةُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ وَقَدْ وُجِدَ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْمُوجِبِ عِنْدَ حُصُولِ الْمُوجِبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِلَا شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبُ التَّصَرُّفِ، وَكَحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ لِكَوْنِهِ مُوجِبَهُ وَكَذَا فِي سَائِرِ الْمُوجِبَاتِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ:؛ لِأَنَّهُ مُوجِبُ التَّصَرُّفِ: أَيْ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ مُوجِبُ تَصَرُّفِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَالْمُوجِبَاتُ تَثْبُتُ بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ ذِكْرِهَا صَرِيحًا، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَنَّ الْبَرَاءَةَ تَحْصُلُ بِدُونِ التَّنْصِيصِ لَا دَفْعِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ.

قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إنَّمَا أَوْرَدَ هَذَا النَّفْيُ الِاشْتِبَاهَ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ حَقُّهُ، فَلَعَلَّ الطَّالِبَ يَقُولُ مَا لَمْ أَسْتَوْفِ حَقِّي مِنْ الْمَطْلُوبِ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ قَدْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّسْلِيمَ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّكْرَارَ إذَا وُجِدَ التَّسْلِيمُ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ التَّسْلِيمَ كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يُبَرِّئُ نَفْسَهُ بِإِيفَاءِ عَيْنِ مَا الْتَزَمَ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ صَاحِبِهِ، فَلَوْ تَوَقَّفَ لَرُبَّمَا امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ إبْقَاءً لِحَقِّ نَفْسِهِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْكَفِيلُ وَالضَّرَرُ مَدْفُوعٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْأَصِيلُ نَفْسَهُ عَنْ كَفَالَتِهِ: أَيْ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ وَقَالَ دَفَعْت إلَيْك نَفْسِي مِنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَصَارَ كَتَسْلِيمِهِ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>