وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ فَقَطَعَ الْغَاصِبُ طَرَفَهَا لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ قَطْعِ طَرَفِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ حَيْثُ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِ الْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ قَطْعِ الطَّرَفِ. .
قَالَ (وَمَنْ خَرَقَ ثَوْبَ غَيْرِهِ خَرْقًا يَسِيرًا ضَمِنَ نُقْصَانَهُ وَالثَّوْبُ لِمَالِكِهِ)؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِنَّمَا دَخَلَهُ عَيْبٌ فَيَضْمَنُهُ (وَإِنْ خَرَقَ خَرْقًا كَبِيرًا يُبْطِلَ عَامَّةَ مَنَافِعِهِ فَلِمَالِكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ)؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَكَأَنَّهُ أَحْرَقَهُ. قَالَ ﵁: مَعْنَاهُ يَتْرُكُ الثَّوْبَ عَلَيْهِ: وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّهُ تَعْيِيبٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَيْنَ بَاقٍ، وَكَذَا بَعْضُ الْمَنَافِعِ قَائِمٌ، ثُمَّ إشَارَةُ الْكِتَابِ إلَى
مَأْكُولِهِ حَيْثُ قَالَ فِي الْأَوَّلِ: إنَّهُ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ. وَفِي الثَّانِي لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ نَفْيُ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ بَيْنَ تَضْمِينِ قِيمَتِهَا وَبَيْنَ إمْسَاكِ الْجُثَّةِ وَتَضْمِينِ نُقْصَانِهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَقْلُ الْكُتُبِ عَلَى خِلَافِهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي فَقَالَ: وَفِي الْمُنْتَقَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀: رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ أَوْ رِجْلَهُ وَكَانَ لِمَا بَقِيَ قِيمَةٌ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَ وَيَأْخُذَ النُّقْصَانَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَطْعِ طَرَفِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ. وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْآدَمِيَّ بِقَطْعِ طَرَفٍ مِنْهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهَا مِنْ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ (وَمَنْ خَرَقَ ثَوْبَ غَيْرِهِ) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْخَرْقِ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ رُبُعِ الْقِيمَةِ فَهُوَ فَاحِشٌ، وَمَا أَوْجَبَ دُونَهُ فَهُوَ يَسِيرٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ نِصْفِ الْقِيمَةِ فَهُوَ فَاحِشٌ، وَمَا أَوْجَبَ دُونَهُ فَهُوَ يَسِيرٌ. وَأَشَارَ فِي الْقُدُورِيِّ إلَى أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَبْطُلُ بِهِ عَامَّةُ الْمَنَافِعِ. قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute