للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُهُ بِالْإِجْمَاعِ.

أَمَّا الْخَلُّ؛ فَلِأَنَّهُ لَمَّا بَقِيَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَهُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ ضَمِنَهُ بِالْإِتْلَافِ، يَجِبُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ. وَأَمَّا الْجِلْدُ فَلَهُمَا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَهُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فَيَضْمَنُهُ مَدْبُوغًا بِالِاسْتِهْلَاكِ وَيُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ كَمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ وَيَضْمَنُهُ وَيُعْطِيه الْمَالِكُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ وَاجِبُ الرَّدِّ، فَإِذَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ خَلَّفَهُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي الْمُسْتَعَارِ. وَبِهَذَا

ضَمِنَ فَلَا وَجْهَ لِضَمَانِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَئِذٍ، وَلَا لِضَمَانِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْهَلَاكِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِفِعْلٍ مَوْصُوفٍ بِالتَّعَدِّي وَالْفَرْضُ عَدَمُهُ (وَقَوْلُهُ أَمَّا الْخَلُّ) دَلِيلُ صُورَةِ الِاسْتِهْلَاكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَأَمَّا الْجِلْدُ فَلَهُمَا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ) قَالَ الْقُدُورِيُّ: يَعْنِي إذَا غَصَبَ الْجِلْدَ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَأَمَّا إذَا أَلْقَاهُ صَاحِبُهُ فِي الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَدَبَغَهُ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا. وَإِذَا كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ (وَهُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ) وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ (يَضْمَنُهُ وَيُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُهُ وَيُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ) وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ نَفْسَ الْغَصْبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُوجِبُ الضَّمَانَ بِخِلَافِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ وَاجِبُ الرَّدِّ) دَلِيلٌ آخَرُ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْجِلْدَ لَوْ كَانَ قَائِمًا وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّهُ، فَإِذَا فَوَّتَ الرَّدَّ خَلَفَهُ قِيمَتُهُ كَمَا فِي الْمُسْتَعَارِ يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ لَا الْهَلَاكِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْهَلَاكَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا تَفْوِيتَ مِنْهُ هُنَاكَ. قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>