للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَدْخُلُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنَايَةٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ. وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ. قَالَ (وَإِنْ ذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ كَلَامُهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ مَعَ الدِّيَةِ) قَالُوا: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الشَّجَّةَ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ السَّمْعِ وَالْكَلَامِ وَلَا تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْبَصَرِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جِنَايَةٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَالْمَنْفَعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِهِ فَأَشْبَهَ الْأَعْضَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ، بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ عَائِدَةٌ إلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

الْجُزْءُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا إذَا قَطَعَ إصْبَعَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ يَدُهُ. وَقَوْلُهُ (وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ) قِيلَ يَعْنِي بِهِ قَوْلَهُ لِأَنَّ بِفَوَاتِ الْعَقْلِ تَبْطُلُ مَنْفَعَةُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ. وَقِيلَ قَوْلُهُ وَقَدْ تَعَلَّقَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَشْمَلُ مِنْ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ (قَالُوا) يَعْنِي الْمَشَايِخَ (هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: ذِكْرُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَعَ سَهْوًا لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِجَمِيعِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ مُحَمَّدًا مَكَانَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا هُوَ فِي الْإِيضَاحِ، أَوْ لَا يَذْكُرَ أَحَدًا أَصْلًا كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ وَشُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إذَا كَانَ خَطَأً، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَمْدًا يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَدِيَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الشَّجَّةِ وَالدِّيَةُ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ. وَقَوْلُهُ (وَجْهُ الْأَوَّلِ) هُوَ أَنَّ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ لَا يَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ بِذَهَابِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ.

وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا بَيَّنَّا) يَعْنِي قَوْلَهُ لِأَنَّ بِفَوَاتِ الْعَقْلِ تَبْطُلُ مَنْفَعَةُ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>