قَالَ: (وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ فَجَرَحَهُ فَبَرَأَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ أَرْشُ الضَّرْبِ) مَعْنَاهُ: إذَا بَقِيَ أَثَرُ الضَّرْبِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ أَثَرُهُ فَهُوَ عَلَى اخْتِلَافٍ قَدْ مَضَى فِي الشَّجَّةِ الْمُلْتَحِمَةِ. .
قَالَ (وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً ثُمَّ قَتَلَهُ خَطَأً قَبْلَ الْبُرْءِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَسَقَطَ عَنْهُ أَرْشُ الْيَدِ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْمُوجَبُ وَاحِدٌ وَهُوَ الدِّيَةُ وَإِنَّهَا بَدَلُ النَّفْسِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فَدَخَلَ الطَّرَفُ فِي النَّفْسِ كَأَنَّهُ قَتَلَهُ ابْتِدَاءً. .
قَالَ: (وَمَنْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْحَالِ اعْتِبَارًا بِالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُوجِبَ قَدْ تَحَقَّقَ فَلَا يُعَطَّلُ. وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «يُسْتَأْنَى فِي الْجِرَاحَاتِ سَنَةً» وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَآلُهَا لَا حَالُهَا لِأَنَّ حُكْمَهَا فِي الْحَالِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَعَلَّهَا تَسْرِي إلَى النَّفْسِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَتَلَ وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ بِالْبُرْءِ. .
قَالَ: (وَكُلُّ عَمْدٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ فِيهِ بِشُبْهَةٍ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَكُلُّ أَرْشٍ وَجَبَ بِالصُّلْحِ فَهُوَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ) لِقَوْلِهِ ﵊ «لَا تَعْقِلُ الْعَوَاقِلُ عَمْدًا» الْحَدِيثُ. وَهَذَا عَمْدٌ،
الْفَاسِدَةِ وَالْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْجَانِي فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا إلَخْ) يَعْنِي إذَا ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ فَجَرَحَهُ فَبَرِئَ مِنْهَا وَبَقِيَ أَثَرُ الضَّرْبِ فَعَلَيْهِ أَرْشُهُ، وَإِنْ لَمْ يَجْرَحْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَثَرُهُ فَهُوَ عَلَى اخْتِلَافٍ قَدْ مَضَى فِي الشَّجَّةِ الْمُلْتَحِمَةِ وَهُوَ سُقُوطُ الْأَرْشِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَوُجُوبُ أَرْشِ الْأَلَمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَوُجُوبُ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَطَأً، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَقْسَامُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً) وَاضِحٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute