للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفراديس. قال: وعرضت هذا القول على أحمد بن عمير، يعنى ابن جوصا، بفتح الجيم وإسكان الواو وبالصاد المهملة، قال: وكان علامة بحديث الشام وأنساب أهلها، فلم يرضه، وقال: إنما قيل: الأوزاعى؛ لأنه من أوزاع القبائل.

وبلغنا عن الهيثم بن خارجة، قال: سمعت أصحابنا يقولون: ليس هو من الأوزاع، إنما كان ينزل قرية الأوزاع. وقال الإمام أبو سليمان محمد بن عبد الله الربعى، بفتح الراء والموحدة: قال ضمرة: الأوزاعى حميرى، والأوزاع من قبائل شتى. قال الربعى: وذكره ابن أبى خيثمة فى تاريخه، فقال: بطن من همدان، ولم ينسب هذا القول إلى أحد. قال الربعى: فليس هو بصحيح، وقول ضمرة أصح؛ لأنه وقع على موضع مشهور بربض دمشق يُعرف بالأوزاع، سكنه فى صدر الإسلام بقايا من قبائل شتى. وقال محمد ابن سعد: الأوزاع بطن من همدان، والأوزاعى من أنفسهم، وفيه خلاف كثير حذفته لعدم الضرورة إليه.

ولد الأوزاعى، رضى الله عنه، سنة ثمان وثمانين من الهجرة، ومات سنة سبع وخمسين ومائة. قال أبو زرعة الدمشقى: كان اسم الأوزاعى: عبد العزيز، فسمى نفسه عبد الرحمن. قلت: وقد أجمع العلماء على إمامة الأوزاعى، وجلالته، وعلو مرتبته، وكمال فضله، وأقاويل السلف، رحمهم الله، كثيرة مشهورة مصرحة بورعه، وزهده، وعبادته، وقيامه بالحق، وكثرة حديثه، وغزارة فقهه، وشدة تمسكه بالسُنة، وبراعته فى الفصاحة، وإجلال أعيان أئمة عصره من الأقطار له، واعترافهم بمرتبته.

وروينا عن هقل، بكسر الهاء وإسكان القاف، وهو أثبت الناس بالرواية عن الأوزاعى، قال: أجاب الأوزاعى فى سبعين ألف مسألة أو نحوها. وعن غيره: أنه أفتى فى ثمانين ألف مسألة.

وقال عبد الحميد بن حبيب بن أبى العشرين: سمعت أميرًا كان بالساحل وقد دفنا الأوزاعى ونحن عند القبر يقول: رحمك الله أبا عمرو، فقد كنت أخافك أكثر ممن ولانى. وعن عبد الرحمن بن مهدى، قال: ما كان بالشام أحد أعلم بالسنة من الأوزاعى.

وعن محمد بن شعيب قال: قلت لأمية بن يزيد: أين الأوزاعى من مكحول؟ قال: هو عندنا أرفع من مكحول، قلت له: إن مكحولاً قد رأى أصحاب النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: وإن كان قد رآهم، فإن فضل

<<  <  ج: ص:  >  >>