رحمه الله، واطلع على ما أودعه فى إسناده وترتيبه، وحُسن سياقه، وبديع طريقه من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق، وأنواع الورع والاحتياط والتحرى فى الروايات، وتلخيص الطرق واختصارها، وضبط متفرقها وانتشارها، وكثرة اطلاعه واتساع روايته، وغير ذلك مما فيه من المحاسن والأعجوبات واللطائف الظاهرت والخفيات، علم أنه إمام لا يلحقه من بعد عصره، وقل من يساويه، بل يدانيه من أهل دهره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وقد اقتصرت من أخباره، رضى الله عنه، على هذا القدر، فإن أحواله، رضى الله عنه، ومناقبه ومناقب كتابه لا تستقصى؛ لبعدها عن أن تُحصى، وقد دللت بما ذكرت من الإشارة إلى حالته على ما أهملت من جميل طريقته، والله الكريم أسأل أن يجزل فى مثوبته، ويجمع بيننا وبينه مع أحبابنا فى دار كرامته بفضله وجوده ورحمته.
توفى مسلم، رحمه الله تعالى، بنيسابور سنة إحدى وستين ومائتين. قال الحاكم أبو عبد الله فى كتاب المزكيين: سمعت أبا عبد الله بن الأخرم الحافظ، رحمه الله، يقول: توفى مسلم، رحمه الله، عشية الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين، وهو ابن خمس وخمسين سنة، رضى الله عنه.
٥٧١ - مسلم بن خالد الزنجى (١) :
شيخ الشافعى، مذكور فى المختصر فى الأقضية، وفى أوائل الدعوى والبينات، وهو بفتح الزاى وكسرها، وهو الإمام أبو خالد مسلم بن خالد بن قرقرة. وقال ابن أبى حاتم: ابن جرجة. وقال الخطيب: هو مسلم بن خالد بن سعيد بن جرجة الزنجى المكى القرشى المخزومى، مولى أبى سفيان بن عبد الله بن عبد الأسد، وهو من تابعى التابعين.
سمع ابن أبى مليكة، والزهرى، وعمرو بن دينار، وزيد بن أسلم، وهشام بن عروة، وعبيد الله العمرى، والعلاء بن عبد الرحمن، وابن أبى ذؤيب، وعمرو بن يحيى، وابن جريج. روى عنه الشافعى، والحميدى، وابن وهب، والقعنبى، وعبد الله بن محمد بن نفيل، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وآدم بن أبى إياس، ومسدد، وهشام بن عمار، وأبو نعيم، وعبد الملك بن عبد العزيز الماجشون،
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد (٥/٤٩٩) ، التاريخ الكبير للبخارى (٧/١٠٩٧) ، ضعفاء النسائى (٥٦٩) ، الجرح والتعديل (٨/٨٠٠) ، سير أعلام النبلاء (٨/١٥٨) ، ميزان الإعتدال (٤/٨٤٨٥) ، تهذيب التهذيب لابن حجر (١٠/١٢٨- ١٣٠) ، تقريب التهذيب (٦٦٢٥) ، وقال: “صدوق كثير الأوهام من الثامنة مات سنة تسع وسبعين أو بعدها د ق”. .