جمهور العلماء، وهو الصحيح المختار، لكن كتاب مسلم فى دقيق الأسانيد ونحوها أجود كما ذكرناه، وينبغى لكل راغب فى علم الحديث أن يعتنى به ويتفطن فى تلك الدقائق، فيرى فيها العجائب من المحاسن، وإن ضعف عن الاستقلال باستخراجها استعان بالشرح المذكور، وبالله التوفيق.
وقد ذكرت فى مقدمة شرح صحيح مسلم جُملاً من المهمات المتعلقة به، التى لابد للراغب فيه من معرفتها مع بيان جملة من أحوال مسلم وأحوال رواة الكتاب عنه.
واعلم أن مسلمًا، رحمه الله، أحد أعلام أئمة هذا الشأن، وكبار المبرزين فيه، وأهل الحفظ والإتقان والرحالين فى طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان، والمعترف له بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان، والمرجوع إلى كتابه، والمعتمد عليه فى كل الأزمان.
سمع بخراسان يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهوية، وآخرين، وبالرى محمد بن مهران، وأبا غسان، وآخرين، وبالعراق ابن حنبل، وعبد الله بن مسلمة، وآخرين، وبالحجاز سعيد بن منصور، وأبا مصعب، وآخرين، وبمصر عمرو بن سواد، وحرملة بن يحيى، وآخرين، وخلائق كثيرين. روى عنه جماعة من كبار أئمة عصره وحفاظه كما قدمنا، وفيهم جماعات فى درجته، منهم أبو حاتم الرازى، وموسى بن هارون، وأحمد بن سلمة، والترمذى، وغيرهم.
وصَنَّف مسلم، رحمه الله، فى علم الحديث كُتبًا كثيرة، منها هذا الكتاب الصحيح الذى مَنّ الله الكريم وله الحمد والنعمة والفضل والمنة به على المسلمين، أبقى لمسلم به ذكرًا جميلاً، وثناءً حسنًا إلى يوم الدين، مع ما أعد له من الأجر الجزيل فى دار القرار، وعم نفعه المسلمين قاطبة. ومنها الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال، وكتاب الجامع الكبير على الأبواب، وكتاب العلل، وكتاب أوهام المحدثين، وكتاب التمييز، وكتاب من ليس له إلا راوٍ واحد، وكتاب طبقات التابعين، وكتاب المخضرمين، وغير ذلك.
قال الحاكم أبو عبد الله: حدثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم، قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج فى معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما. وفى رواية: فى معرفة الحديث، ومن حقق نظره فى صحيح مسلم،