والحسين بن محمد، وخلائق لا يحصون. وأجمعوا على إمامته، وتوثيقه، وحفظه، وجلالته، وتقدمه فى هذا الشأن، واضطلاعه منه.
قال الخطيب: كان إمامًا ربانيًا، عالمًا، حافظًا، ثبتًا، متقنًا. قال أحمد بن حنبل: السماع من يحيى بن معين شفاء لما فى الصدور. وقال على بن المدينى: ما رأيت فى الناس مثله. وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن معين رجل خلقه الله لهذا الشأن، يُظهر كذب الكذابين، وكل حديث لا يعرفه يحيى ليس بحديث.
وقال عباس الدورى: رأيت أحمد بن حنبل فى مجلس روح بن عبادة يسأل يحيى بن معين عن أشياء يقول له: يا أبا زكريا، كيف حديث كذا وكذا، كيف حديث كذا وكذا، يستثبته فى أحاديث سمعوها، فكل ما قال يحيى كتبه أحمد.
وقال هارون بن بشير الرازى: رأيت يحيى بن معين استقبل القبلة رافعًا يديه يقول: اللهم إن كنت تكلمت فى رجل ليس هو عندى كَذَّابًا فلا تغفر لى. وقال يحيى: لو لم يكتب الحديث من ثلاثين وجهًا ما علقناه.
وروينا عن أحمد بن عقبة، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كتبت بيدى هذه ستمائة ألف حديث. قال ابن عقبة: وأظن المحدثين كتبوا له ستمائة ألف وستمائة ألف. وقال محمد بن عبد الله: خلف يحيى من الكتب مائة قمطرًا وأربعة عشر قمطرًا وأربعة جباب مملوءة كُتبًا.
وقال على بن المدينى: ما أعلم أحدًا كتب من الحديث ما كتب يحيى بن معين، وخلف والده معين ليحيى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم أنفقها كلها فى الحديث، حتى لم يبق له نعل يلبسها. وذكر ابن أبى حاتم فى أول كتابه الجرح والتعديل بإسناده، عن أبى عبيد القاسم بن سلام، قال: انتهى العلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وهو أكتبهم له، وعلى بن المدينة، وأبى بكر بن أبى شيبة. وقال أبو حاتم: كتب يحيى بن معين عن موسى بن إسماعيل قريبًا من ثلاثين ألف حديث، وأحواله وفضائله، رضى الله عنه، غير منحصرة.
واتفقوا على أنه توفى بمدينة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وغُسل