الثورى، فاجتمع الناس إليه لعزائه، فجاء أبو حنيفة، فقام إليه سفيان وأكرمه وأقعده مكانه، وقعد بين يديه، ولما تفرق الناس قال أصحاب سفيان: رأيناك فعلت شيئًا عجيبًا، قال: هذا رجل من العلم بمكان، فإن لم أقم لعلمه قمت لِسِنِّهِ، وإن لم أقم لِسِنِّهِ قمت لفقِهِهِ، وإن لم أقم لفقِهِهِ قمت لوَرَعِهِ.
وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت فى الفقه مثل أبى حنيفة. وعن ابن المبارك، قال: رأيت مسعرًا فى حلقة أبى حنيفة جالسًا بين يديه يسأله ويستفيد منه، وما رأيت أحدًا قط تكلم فى الفقه أحسن من أبى حنيفة.
وعن أبى نعيم، قال: كان أبو حنيقة صاحب غوص فى المسائل. وعن وكيع، قال: ما لقيت أفقه من أبى حنيفة، ولا أحسن صلاة منه. وعن النضر بن شميل، قال: كان الناس نيامًا عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبَيَّنَهُ ولَخَّصَهُ.
وعن الشافعى، قال: الناس عيال على أبى حنيفة فى الفقه. وعن جعفر بن الربيع، قال: أقمت على أبى حنيفة خمس سنين، فما رأيت أطول صمتًا منه، فإذا سُئل عن الشىء من الفقه يفتح ويسأل كالوادى. وعن إبراهيم بن عكرمة، قال: ما رأيت أورع ولا أفقه من أبى حنيفة.
وعن سفيان بن عيينة، قال: ما قدم مكة فى وقتنا رجل أكثر صلاة من أبى حنيفة. وعن يحيى بن أيوب الزاهد، قال: كان أبو حنيفة لا ينام الليل. وعن أبى عاصم النبيل، قال: كان أبو حنيفة يُسَمَّى الوتد؛ لكثرة صلاته.
وعن زافر بن سليمان، قال: كان أبو حنيفة يحيى الليل بركعة يقرأ فيها القرآن. وعن أسد بن عمرو، قال: صلى أبو حنيفة صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، وكان عامة الليل يقرأ القرآن فى ركعة، وكان يُسمع بكاؤه حتى ترحمه جيرانه، وحُفظ عليه أنه ختم القرآن فى الموضع الذى توفى فيه سبعة آلاف مرة.
وعن الحسن بن عمارة أنه غسل أبا حنيفة حين توفى، وقال: غفر الله لك، لم تفطر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسد يمينك فى الليل منذ أربعين سنة، ولقد أتعبت مَن بعدك. وعن ابن المبارك، أن أبا حنيفة صلى خمسًا وأربعين سنة الصلوات الخمس بوضوء واحد، وكان يجمع القرآن فى ركعتين.
وعن أبى يوسف، قال: بينا أنا أمشى مع أبى حنيفة، سمع رجلاً يقول لرجل: هذا أبو