فيجلس إليه لغير قصد ولا مجالسة، فإذا أقام سأل عنه، فإن كان به حاجة وصله، وإن مرض عاده حتى يجبره إلى مواصلته، وكان أكرم الناس مجالسة.
وعن أبى يوسف، قال: كان أبو حنيفة لا يكاد يسأل حاجة إلا قضاها. وعن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، أن أبا حنيفة وهب لمعلم ابنه حماد خمسمائة درهم حين حذق حماد.
وعن جعفر بن عون، قال: أتت امرأة إلى أبى حنيفة تشترى منه ثوب خز، فأخرج لها ثوبًا، فقالت: أنا ضعيفة، وإنها أمانة، فبعنى هذا الثوب بما يقوم عليك، فقال: خذيه بأربعة دراهم، فقالت: لا تسخر بى، أنا عجوز كبيرة، فقال: اشتريت ثوبين فبهت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم، فبقى هذا بأربعة دراهم.
وعن ابن المبارك، قال: قلت لسفيان الثورى: ما أبعد أبا حنيفة من الغيبة، ما سمعته يغتاب عدوًا له قط، قال: هو والله أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهب بها. وعن على بن عاصم، قال: لو وزن عقل أبى حنيفة بعقل نصف أهل الأرض لرجح بهم.
وعن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: كان عندنا طحان رافضى له بغلان، فسمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر، فرمحه أحدهما فقتله، فأخبر أبو حنيفة، قال: انظرو الذى رمحه الذى سماه عمر، فنظروا فوجدوه كذلك.
وعن عبد الواحد بن غياث، قال: كان أبو العباس الطوسى يسىء الرأى فى أبى حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فدخل أبو حنيفة على أمير المؤمنين المنصور، وكثر الناس، فقال الطوسى: اليوم أقتل أبا حنيفة، فقال لأبى حنيفة: إن أمير المؤمنين يأمرنا بضرب عنق الرجل، ما ندرى ما هو، فهل لنا قتله؟ فقال: يا أبا العباس، أمير المؤمنين يأمر بالحق أبو بالباطل؟ قال: بالحق، قال: اتبع الحق حيث كان ولا تسأل عنه، ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقنى فربطته.
وعن وكيع، قال: دخلت على أبى حنيفة، فرأيته مطرقًا مفكرًا، فرفع رأسه وأنشأ يقول شعر: