ومنها: إذا قدم بدوى بطعام للجلب فى موضع يحرم بيع الحاضر للبادى، فاستشار البدرى حضريًا فى بيعه، فهل يرشده إلى ادخاره وبيعه على التدريج، فيه وجهان، قال ابن سلمة، وأبو إسحاق المروزى: يجب إرشاده لأداء النصيحة. وقال أبو حفص بن الوكيل: لا يرشده توسعة على الناس.
ومنها: أنه يجوز بيع شاة فى ضرعها لبن بشاة فى ضرعها لبن، والصحيح الذى عليه سائر الأصحاب بطلانه.
٨١٢ - أبو الطيب الطبرى القاضى:
شيخ صاحب المهذب، تكرر ذكره فى الكتب الثلاثة، وهو الإمام البارع فى علوم الفقه، القاضى أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبرى، من طبرستان، ثم البغدادى.
قال الشيخ أبو إسحاق: هو شيخنا وأستاذنا، ولد سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة، وتوفى سنة خمسين وأربعمائة، وهو ابن مائة وسنتين، لم يختل عقله، ولا تغير فهمه، يفتى مع الفقهاء، ويستدرك عليهم، ويقضى ويشهد، ويحضر المواكب بدار الخلافة إلى أن مات.
تفقه بآمل على أبى على صاحب ابن القاض، وقرأ على أبى سعد الإسماعيلى، وعلى القاضى أبو القاسم بن كج، ثم ارتحل إلى نيسابور، وأدرك أبا الحسن الماسرجسى صاحب أبى إسحاق المروزى، فصحبه أربع سنين، وتفقه عليه، ثم ارتحل إلى بغداد، وعلق عن أبى محمد البافى، بالباء الموحدة والفاء، الخوارزمى صاحب الداركى، وحضر مجلس الشيخ أبى حامد الإسفراينى، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادًا وأشد تحقيقًا وأجود نظرًا منه.
شرح مختصر المزنى، وَصَّف فى المذهب، والأصول، والخلاف، والجدل، كُتبًا كثيرة ليس لأحد مثلها، ولازمت مجلسه بضع عشرة سنة، ودرست أصحابه فى مسجده سنين بإذنه، ورتبنى فى حلقته، وسألنى أن أجلس فى مسجده للتدريس ففعلت ذلك فى سنة ثلاثين وأربعمائة، أحسن الله عنى جزاءه ورضى عنه وأرضاه. هذا كلام الشيخ أبى إسحاق فى طبقاته.
وقال الخطيب البغدادى: هو طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمرو أبو الطيب الطبرى الفقيه الشافعى، سمع بجرجان أبا أحمد الغطريفى، وبنيسابور أبا الحسن الماسرجسى، وعليه درس الفقه، وسمع أيضًا من شيوخ نيسابور،