سنة ثلاث. وروى ابن سعد أنه تزوجه لهلال ذى القعدة سنة خمس من الهجرة، وهى بنت خمس وثلاثين سنة، وكانت قبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحت زيد بن حارثة مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم طلقها فاعتدت، ثم زوجها إليه سبحانه وتعالى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل فيها:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}[الأحزاب: ٣٧] ، وكانت تفتخر على نساء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتقول: زوجنى الله عز وجل من السماء. وكانت امرأة صناعًا تعمل بيدها وتتصدق به فى سبيل الله عز وجل.
وعن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: لما أخبرت زينب بتزويج رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها سجدت. وعن أم سلمة، قالت: وكانت زينب لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معجبة، وكان يستكثر منها، وكانت امرأة صالحة صوامة قوامة.
وعن عائشة قالت: يرحم الله زينب بنت جحش، لقد نالت فى هذه الدنيا الشرف الذى لا يبلغه شرف، أن الله عز وجل زوجها نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الدنيا، ونطق به القرآن، إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لنا ونحن حوله:"أسرعكن بى لحوقًا أطولكن باعًا"، فبشرها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسرعة لحوقها به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهى زوجته فى الجنة. قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا فى بيت إحدانا بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نمد أيدينا فى الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة، رحمها الله تعالى، ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما أراد بطول اليد الصدقة، وكانت زينب امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به فى سبيل الله. ومناقبها كثيرة.
توفيت سنة عشرين وهى بنت ثلاث وخمسين سنة، ذكره ابن سعد، وأجمع أهل السير أنها أول نساء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موتًا بعده، ودفنت بالبقيع فيما بين دار عقيل ودار ابن الحنفية، قاله ابن سعد، وصلى عليها عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، ونزل فى قبرها أسامة بن زيد، ومحمد بن عبد الله بن جحش، وعبد الله بن أبى أحمد بن جحش، ومحمد بن طلحة بن عبد الله، وهو ابن