للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الجوهري: ومنه قول عائشة رضي الله تعالى عنها: "ليتني كنت حيضة ملقاة" قال: وكذلك المحيضة، وجمعها محائض، هذا ما يتعلق بتصريف الكلمة.

وأما أصلها فقال الإمام أبو منصور الأزهري في كتابه شرح ألفاظ مختصر المزني رحمهما الله تعالى: الحيض دم يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة، وأصله من حاض السيل وفاض إذا سال يسمى حيضًا لسيلان الدم في الأوقات المعتادة. قال: والاستحاضة أن يسيل الدم فى غير أوقاته المعتادة. قال: ودم الحيض يخرج من قعر الرحم، ويكون أسود محتدما أي: حارا كأنه محترق، وأما دم الاستحاضة فيسيل من العاذل، وهو عرق فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره. قال: وذكر ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا كلام الأزهري، وقوله: العادل هو بالعين المهملة وكسر الدال المعجمة وباللام.

وقال الهروي: قال ابن عرفة: الحيض والمحيض اجتماع الدم إلى ذلك المكان، وبه سمي الحوض لاجتماع الماء فيه. ثم ذكر: أن الحيض هو سيلان الدم في أوقاته المعتادة.

فقد اتفق الهروي وشيخه الأزهري: على أن الاستحاضة عبارة عن جريان الدم فى غير أوقاته. وقد اختلف أصحابنا في حقيقة الاستحاضة، فذهب جماعة إلى أن الاستحاضة لا تكون إلا دما متصلاً بالحيض، ليس بحيض أن ترى الدم في زمن الحيض، ويجاوز خمسة عشر يومًا متصلاً، فأما إذا رأت الدم قبل تسع سنين، أو رأت بعد تسع متصل بالحيض، فإن رأت دون أقل الحيض فليس هذا باستحاضة بل يسمى دم فساد.

وذهب جماعة من أصحابنا إلى أن الجميع يسمى استحاضة، فممن قال بالأول صاحب الحاوي، فقال قال الشافعي رضي الله عنه: لو رأت الدم قبل استكمال تسع سنين فهو دم فساد، لا يقال له يحض ولا استحاضة؛ لأن الاستحاضة لا تكون على أثر حيض. ثم قال بعد هذا بأسطر: النساء أضرب: طاهر وحائض ومستحاضة وذات فساد، فالطاهر ذات النقاء، والحائض من ترى الدم في أوانه، والمستحاضة من ترى الدم على أثر الحيض على صفة لا يكون حيضا، وذات الفساد من يبتدىء بها دم لا يكون حيضًا. هذا آخر كلام صاحب الحاوي.

وقد أشار كثير من أصحابنا أو أكثرهم إلى معنى ما قال، وهو أن الاستحاضة الدم المتصل بدم الحيض، فإن لم يتصل فدم فساد. وصرح أبو عبد الله الزبيري في كتابه الكافي والقاضي حسين وصاحبه صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>