الكلمة، ثم أنها يؤتى بها للتعجب، ومن ذلك قول الله عز وجل:{سبحنك هذا بهتن عظيم} . قال أبو القاسم الزمخشري: سبحانك هنا للتعجب من عظم الأمر. قلت: فإن قيل: فما معنى التعجب في كلمة التسبيح، قلنا: الأصل في ذلك أن يسبح الله تعالى عند رؤية العجيب من صنائعه، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه. قلت: ومنه الحديث الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال للمغتسلة من الحيض: “خذي فرصة من مسك فتطهري بها” قالت: كيف أتطهر بها. قال: “سبحان الله تطهري بها” وفي الحديث الآخر في الصحيح: أن أبا هريرة لما سأل عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاغتسل ثم جاء وقال: كنت جنبًا، فقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “سبحان الله إن المؤمن لا ينجس” ومعنى الحديثين: التعجب من خفاء هذا الأمر الذي لا يخفى، ومثله ماحكاه في أول باب العدد من المهذب عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك بن أنس رحمه الله تعالى: حديث جميلة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: “لا تزيد المرأة على السنتين في الحمل”، قال مالك: سبحان الله من يقول هذا، هذه امرأة محمد بن عجلان جارتنا تحمل أربع سنين، أراد مالك رحمه الله تعالى التعجب من أنكار هذا الأمر مشاهدة المحسوس.
ونظائر ما ذكرنا كثيرة، وكذلك يقولون في التعجب: لا إله الا الله، وممن ذكر هذين اللفظتين في ألفاظ التعجب من النحويين الإمام أبو بكر ابن السراج رحمه الله تعالى في كتابه الأصول، والله تعالى أعلم.
وقوله في السجود من المهذب يقول: “سبوح قدوس”، فيهما لغتان مشهورتان، أفصحهما وأكثرهما ضم أولهما وثانيهما، والثانية فتح أولهما مع ضم ثانيهما. قال الجوهري: سبوح من صفات الله تعالى، قال ثعلب: كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلإ السبوح والقدوس، فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الزروج. وقال ابن فارس في المجمل: سبوح هو الله عز وجل، وكذلك قاله الزبيدي في مختصر العين، فحصل خلاف في أنه اسم الله تعالى أو صفة من صفاته، وتسمية هذا خلافًا يحرم على بعض أصحابنا المتكلمين من أن صفاته سبحانه وتعالى لا يقال هي الذات ولا غيرها، ويكون المراد بالسبوح والقدوس المسبح والمقدس، فكأنه قال: مسبح مقدس رب الملائكة والروح عز وجل. والله تعالى أعلم.