للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون قد قامت الصلاة قبل حال قيامها.

قال الفراء: الحال في الفعل الماضي لا يكون إلا بإضمار قد أو بإظهارها كقوله تعالى: {أو جاءوكم حصرت صدورهم} وقد ههنا يجوز أن تكون تأكيدًا لفلاح المؤمنين، ويجوز أن تكون تقريبًا للماضي من الحال، ويكون المعنى أن الفلاح قد حصل لهم، وأنه في الحال عليه هذا كلام الواحدي. وقال الجوهري: قد حرف لا يدخل إلى على الأفعال وهو جواب لقولك لما يفعل، قال: وزعم الخليل: أن هذا لمن ينتظر الخبر تقول قد مات فلان، ولو أخبره وهو لا ينتظره لم يقل قد مات، ولكن يقول مات فلان.

قال الجوهري: وقد يكون قد بمعنى ربما، وإن جعلته إسما شددته، فقلت: كتبت قدًا حسنة، وكذلك كي وهو ولو؛ لأن هذه الحروف لا دليل على ما نقص منها، فيجب أن يزاد في أواخرها ما هو من جنسها وتدغم، إلا في الألف فإنك تهمزها، ولو سميت رجلا بلا أو ما ثم زدت في آخره ألفا همزت؛ لأنك تحرك الثانية، والألف إذا تحركت صارت همزة هذا كلام الجوهري.

قدر: قال أهل اللغة: القدر بإسكان الدال وفتحها لغتان، هو قدر الله تعالى الذي يجب الإيمان به كله خيره وشره حلوه ومره نفعه وضره. ومذهب أهل الحق إثبات القدر والإيمان به كله كما ذكرناه. وقد جاء من النصوص القطعيات في القرآن العزيز والسنن الصحيحة المشهورات في إثباته ما لا يحصى من الدلالات. وقد أكثر العلماء في إثباته من المصنفات المستحسنات، فرضي الله تعالى عنهم وأجزل لهم المثوبات. وذهبت القدرية إلى إنكاره، وأن الأمر أنف أي: مستأنف، لم يسبق به علم الله تعالى الله عن قولهم الباطل علوًا كبيرًا.

وقد جاء في الحديث تسميتهم “مجوس هذه الأمة” لكونهم جعلوا الأفعال للفاعلين، فزعموا أن الله تعالى يخلق الخير، وأن العبد يخلق الشر جل الله تعالى عن قولهم الباطل. قال إمام الحرمين وغيره من متكلمي أصحابنا وابن قتيبة من أئمة أصحاب اللغة: اتفقنا نحن وهم على ذم القدرية وهم يسموننا قدرية لإثبات القدر ويموهون بذلك، وهذا جهل منهم ومباهتة، بل هم المسمون بذلك لأوجه: أحدها: النصوص الصريحة

<<  <  ج: ص:  >  >>