للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أياد على سابغة ... أعد منها ولا أعددها

يقول: إن الممدوح على نعما شاملة، يعد وجودي منها، ولا أستطيع حصرها ومثال ذلك أيضان قوله تعالى: "يد الله فوق أيديهم" فليس المراد "باليد":معناها الحقيقي، بقرينة استحالة أن لله يدا، ولأنه لا معنى لكون اليد بمعنى "الجارحة، فوقديد أخرى، بل المراد بها: القدرة على معنى: قدرة الله لا تدانيها قدرة-فلفظ اليد في الآية إذن مجاز مرسل، علاقته السببية، لأن أكثر ما يظهر سلطان القدرة في اليد، إذ بها البطش، والضرب، والقطع والدفع، وغير ذلك مما يعتبر أثرا من آثار القدرة.

٢- المسببية: كما في قولك: "أمطرت السماء نباتا"، فليس المراد "بالنبات" معناه الحقيقي، بقرينة قوله: "أمطرت"، إذ أن النبات لا يمطر، وإنما المراد به "الغيث"، فالنبات إذن مجاز مرسل، علاقته المسببية، إذ أن النبات مسبب عن الغيث- ومثله قوله تعالى: {يُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} أي ماء، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} يريد: مالاحراما فقد عبر في الآية الأولى عن الماء بالرزق، وعبر في الثانية عن المال الحرام، "بالنار مجازا مرسلا، علاقته المسببية، إذا أن الرزق في الأولى مسبب عن الماء، والنار في الثانية مسببة عن أكل المال الحرام، والقرينة في الأولى قوله: "ينزل من السماء لأن أرزاق الناس لا تنزل بذاتها من السماء، والقرينة في الثانية قوله: "يأكلون في بطونهم" لأن النار لا تؤكل في البطون.

٣- اللازمية١ كما تقول: "بزغ الضوء" فليس المراد: المعنى الحقيقي للضوء بقرينة لفظ "البزوغ" لأنه وصف لجرم الشمس لا للضوء، "فالضوء" إذن مجاز مرسل يراد به "الشمس" علاقته اللازمية، لأن الضوء لازم للشمس يلزم من وجود الشمس وجود الضوء- ومثله: قولك "نظرت إلى الحرارة فليس المراد بالحرارة: معناه الحقيقي، بقرينة "نظرت" لأن الحرارة لا ترى


١ ليس المراد باللزوم عدم الاحتكاك بل المراد به مطلق ارتباط.

<<  <  ج: ص:  >  >>