للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقسيم الاستعارة]

[باعتبار الطرفين]

...

[تقسيم الاستعارة]

للاستعارة تقسيمات شتى, تختلف باختلاف الاعتبارات.

تقسيمها باعتبار الطرفين:

تنقسم الاستعارة باعتبار طرفيها إلى قسمين: وفاقية، وعنادية.

فالوفاقية: ما يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد؛ لما بين الطرفين من الوفاق, كما تقول: "فلان أحيته الموعظة" أي: هدته؛ شبهت "الهداية" بمعنى الدلالة على الطريق القويم "بالإحياء" بمعنى جعل الشيء حيا بجامع ما يترتب على كل من المنافع، وبعد تناسي التشبيه، وادعاء أن المشبه فرد من أفراد المشبه به, استعير لفظ الإحياء للهداية، ثم استعير "أحيا لهدى" تبعا لاستعارة المصدر للمصدر, على ما سيأتي في الاستعارة التبعية, والحياة والهداية مما يتأتى اجتماعهما في شيء واحد, وإذًا فاستعارة الإحياء للهداية وفاقية.

والعنادية: ما لا يمكن اجتماع طرفيها في شيء واحد؛ لما بين الطرفين من التعاند, كاستعارة "اسم المعدوم للموجود عديم الجدوى" في قولك: "رأيت ميتا يتحدث" أي: جاهلا؛ شبه الجهل بالموت بجامع عدم النفع في كل، وبعد تناسي التشبيه, والادعاء المعروفين استعير الموت للجهل، ثم استعير "لفظ ميت" للجاهل تبعا لاستعارة المصدر للمصدر, والجهل والموت مما لا يجتمعان في شيء واحد؛ لأن الميت لا يوصف بالجهل, فهي إذًا استعارة عنادية. ومثله استعارة "اسم الموجود للمعدوم ذي الآثار الخالدة" إذ يمتنع بداهة اجتماع الوجود والعدم في شيء.

وقد اجتمعت الوفاقية والعنادية في قول الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} أي: أومن كان ضالا فهديناه، فقد استعير في الأول الميت للضال، وهما لا يجتمعان في شيء واحد؛ إذ لا يوصف

<<  <  ج: ص:  >  >>